خدعت في بيع وكان عليها بقية من الثمن فلم تسددها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت قريبتي إلى السوق للتسوق من أحد محلات القماش فاختارت عدة أقمشة. لكن كانت الأسعار مرتفعة جدا مقارنة بمثيلاتها من الأقمشة، عرض عليها صاحب المحل أن تأخذ كل الأقمشة على أن تدفع الباقي من المبلغ الذي لم يكن معها تلك اللحظة في وقت آخر. وأعطاها ذالك الرجل مجلة أزياء نسائية. هذه المجلة تحتوي على صور خليعة، أعطاها إياها على أن تردها مع المبلغ. سألنا صاحب أقمشة في نفس المنطقة عن سعر مثل هذه الأقمشة فكان المتربـ ٥٠ ريال والذي كان الرجل السابق قد باعناه بـ ٢٥٠ ريال. أخبرنا صاحب المحل هذا أن أشخاصاً كثر حصل لهم نفس القصة مع ذلك المحل! لم يتوفر مع قريبتي المال إلا بعد فترة وهي مترددة في مثل تلك البيعة. كان المبلغ قرابة خمسة آلاف والمبلغ المتبقي ١٦٠٠ ريال والذي من غير العادة أن يتركه أي بائع على أن يرد بعد فترة خصوصاُ من امرأة لا يرى وجهها. كانت تلك القصة قبل ١٥عام من الآن وكانت في منطقة محافظة من مناطق المملكة. قبل عام ذهبت أنا لمقابلة صاحب المحل لأناقشه عن هذا الأمر لعله تلاعب من احد الباعة أو غير ذلك على أن أرد له المبلغ إن لم يسامح به وأستسمحه من المجلة الخليعة التي أحرقتها في فترة ماضية. لكني لم أجد المحل بأكمله ودلني احد الجيران على احد العمال الذي كان يعمل في ذلك المحل ليدلني على صاحبه السابق. أعطاني وصف لمحل له في مدينة الرياض والذي لم اجده فيما بعد وكذلك هذا الرجل غير رقم جواله فلم استطع أن أجده هو أيضا. السؤال: (كيف أبرئ ذمت قريبتي) ماذا افعل الآن يا شيخ بموضوع المبلغ الذي في اعتقادي انه لا يستحقه وكذلك موضوع المجلة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا باع التاجر ما ثمنه ٥٠ ريالا ب ٢٥٠ ريالا فهذا غبن [خداع] واضح، وللمشتري الخيار في رد السلعة وأخذ ماله، فإن رضي بالغبن وأبقى السلعة عنده، فله ذلك، ويلزمه أن يسدد ما بقي عليه من الثمن.
قال في "كشاف القناع" (٣/٢١٣) في صور الغبن: " (الثالث: المسترسل وهو الجاهل بالقيمة من بائع ومشتر، ولا يحسن أن يماكس فله الخيار إذا غبن الغبن الذي يخرج عن العادة" انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الصورة الثالثة: قوله: «والمسترسل» وهو المنقاد مع غيره المطمئن إلى قوله، هذا في اللغة.
وفي الاصطلاح: من جهل القيمة ولم يحسن المماكسة.
والمماكسة هي المحاطة في الثمن، وهي التي تعرف عندنا بالمكاسرة، فإذا أتى إلى صاحب الدكان، وقال: بكم هذه الحاجة؟ قال: بعشرة ريالات، وهو رجل يجهل القيمة ولا يحسن أن يماكس فأخذها بعشرة، فلما عرضها على الناس، قالوا: هذه بخمسة ريالات، قال: ما علمت، فنسمي هذا مسترسلا، له الخيار؛ لأنه إذا كانت قيمة الشيء بخمسة، واشتراها بعشرة فهذا غبن يخرج عن العادة فله الخيار، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غش فليس منا) ، وهو من الخيانة للمسلمين، وكل من غََّش فيجب أن يحال بينه وبين مأربه، فإن كان يعلم القيمة ويدري أن قيمتها خمسة، ولكنه أخذها بعشرة تطييبا لقلب البائع، كما يعمله بعض الناس مثلا إذا وجد رجلا فقيرا عنده بسطة صغيرة، قال: بكم هذه يا فلان؟ قال: بعشرة وهو يعرف أنها بخمسة فأخذها بعشرة فلا يكون مسترسلا؛ لأنه يعلم القيمة " انتهى من "الشرح الممتع" (٨/٣٠٠) .
وعليه؛ فكان لقريبتك أن ترد الأقمشة وتأخذ مالها، وحيث إنها لم تفعل، فإنه يلزمها رد بقية الثمن للبائع، وقد أخطأت في تأجيل ذلك وتسويفه، والواجب الآن البحث عن البائع ورد المال له أو لورثته، فإن لم يتيسر الوصول إليه تصدقت بالمال عنه، على أنه إن عُرف أو عرف وارثه فيما بعد، خُيرِّ بين إمضاء الصدقة فيكون ثوابها له، أو أخذ ماله ويكون ثواب الصدقة لقريبتك.
قال في "مطالب أولي النهى" (٤/٦٥) : " قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها ; فالصواب أنه يتصدق بها عنهم ... وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية , فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن , ويقول: اللهم عن رب الجارية ... " انتهى كلام ابن تيمية. بشرط ضمانها لأربابها إذا عرفهم ; لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك " انتهى.
ثانيا:
إذا كانت المجلة كما ذكرت، مشتملة على الصور الخليعة، فهذه لا يجوز بيعها، ولا قيمة لها، ولا شيء على من أتلفها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب