حكم صلة الأم والإخوة من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أم من الرضاعة وإخوة، فهل عليَّ أن أصلهم وأزورهم كما أزور أمي وإخوتي من النسب علماً أني كنت أزورهم، ولكن قيل لي: إنه لا يلزمني ذلك، وأنا محتار في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تشبه الأحكام الشرعية المتعلقة بالرضاع تلك المتعلقة بأحكام النسب، فالرضاع لا يوجب النفقة ولا التوارث ولا ولاية النكاح. . . بخلاف النسب.
ويشتركان في تحريم النكاح، وإباحة النظر، والخلوة، والمحرمية في السفر.
وهذا من حكمة الشرع، ولا يمكن أن يجعل الشرع حقوق الأم من الرضاعة والتي ترضع الطفل خمس مرات بتلك التي حملت ووضعت وأرضعت وربَّت، وكانت السبب المحسوس في وجود الولد، وهل ما في قلب الأم من النسب مثل ما في قلب الأم من الرضاعة من حيث الشفقة والرحمة والحرص؟
وقد أشارت الآيات القرآنية إلى ذلك كما قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) لقمان/١٤، وقال تعالى - بعد أن أمر الولد بالإحسان إلى الوالدين ونهاه عن أدنى ما يمكن أن يصدر عنه من عقوق لهما -: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) .
لذا ذكر بعض العلماء أن على الابن من الرضاعة إكرام وتقدير أمه ووالده من الرضاعة، وليس عليه البر والصلة التي تكون بين الولد ووالديه، وبينه وبين رحِمِه.
وفي الباب بعض الأحاديث الضعيفة نذكرها للفائدة:
١. عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرانة إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته. رواه أبو داود (٥١٤٤) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " (١١٠٢) .
وقد بوَّب ابن حبان (١٠ / ٤٤) على هذا الحديث بقوله " ذكر ما يستحب للمرء إكرام من أرضعته في صباه ".
٢. عن عمر بن السائب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه من الرضاعة فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلستْ عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه. رواه أبو داود (٥١٤٥) ، وضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " (١١٢٠) .
٣. عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ فقال: غرة عبدٍ أو أمة. رواه الترمذي (١١٥٣) والنسائي (٣٣٢٩) وأبو داود (٢٠٦٤) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " (٤٤٥) .
" غُرَّة " أي مملوك.
قال السيوطي في شرح النسائي (٦/١٠٨) :
"المراد بـ " مذمة الرضاع ": الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأنه سأل: ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا؟ ، وكانوا يستحبون أن يهبوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها" اهـ.
٤. وذكر أهل السير أن النساء الأسرى من هوازن لما جُمعوا جاء خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك، فامنُن علينا منَّ الله عليك. وهذه الأحاديث الوارد فيها هو الإكرام والتقدير، وهما من أخلاق الإسلام التي حثَّ عليها لعامة المسلمين. فكان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم. البداية والنهاية (٤/٤١٩) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب