هل يطرد خاله مدمن الخمر من السكن معه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يعيش معنا -أنا واثنان من الإخوة أصغر مني- في بلاد الكفر في نفس البيت الصغير -غرفتين- خال لي مدمن خمر , لكن في بداية سكناه معنا لم يكن يشرب بهذا القدر , أضف إلى ذلك أنه لا يصلي , ويسب الدين والرب في بعض الأوقات , وهو هنا في بلاد الكفر منذ ما يقارب ٣٠ سنة لم يذهب خلالها قط إلى البلاد.. ولقد كان صديقاً لأبي قبل أن يتزوج أبي بأمي.. ونحن ولله الحمد والمنة نصلي ونحاول اتقاء الله قدر المستطاع , ولقد تكلمنا معه بالتي هي أحسن ونصحناه بأن يتوب إلى الله , فيقول لنا؛ معكم الحق.. ادعوا الله أن يتوب عليّ.. ثم بعد يوم أو اثنين يعود لما كان عليه! ونحن إن قمنا بطرده من البيت فلا يوجد من يستضيفه في بيته مما سيؤدي به إلى النوم في الشارع ككثير من المدمنين العرب الذين يعيشون في الشوارع , نسأل الله لنا ولهم الهداية.. السؤال؛ ماذا يتوجب علي فعله مع العلم بأن أمي وأبي لا يعيشون معنا في نفس البيت فهما في بلدنا الأصلي , لكن في حالة طرد خالي أو التكلم معه بقسوة فقد تنزعج أمي لأنها رغم ذلك تحب أخاها لأنها لم تره منذ ٣٠ سنة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مآسي المسلمين في بلاد الكفر كثيرة , لا تعد ولا تحصى , تدمي القلب , وتفطر الكبد , وتحزن النفس , ذلك أن هذه المجتمعات؛ وتلك البيئات ليست للمسلمين , فمقوماتها لا تتناسب ودينهم , وما جاء به من مبادئ سامية , وأخلاق رفيعة , وأدب جم.
لقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من العيش في تلك البيئات والمجتمعات أشد تحذير، لما يعلم ما لهذه الإقامة من الأثر السيء على المسلمين؛ في دينهم؛ وأخلاقهم , وسلوكهم. فقال: (أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (٢٦٥٤) والترمذي (١٦٠٤) وصححه الألباني في إرواء الغليل (١٢٠٧) .
وما حال خالكم المذكور ـ وغيره كثير- إلا نتيجة لتلك الإقامة التي نهانا ديننا عنها.
إنه الضياع الكبير , والخسران المبين للدنيا والآخرة , إن لم يتداركه الله برحمته.
أخي السائل:
ليس لكم إلا الصبر على خالكم , فإنه يظهر من نصيحتكم له وجوابه لكم أن بذرة الإيمان لا زالت حية , تنبض في قلبه , فتحتاج منكم الرعاية , والسقاية , والاهتمام دون كلل , ولا ملل , واضعين نصب أعينكم قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) أخرجه البخاري (٢٩٤٢) .
فبقاؤه معكم في البيت – مع بذل النصيحة له والعناية به – خير له من التسكع في الشوارع , وعيشة المشرد , والتي قد تؤدي به إلى سوء الخاتمة , بسبب بعده عنكم. وارتكاب أخف المفسدتين ودفع إحداهما بالأخرى , هو الأصل المطلوب.
مع ما في الإحسان إليه من بر الوالدة ورضاها بذلك، فاجتهدوا في دعوته إلى الخير، وحاولوا إشغاله عما هو فيه، وخذوه معكم إلى المسجد شيئاً فشيئاً، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي ضال المسلمين, وينير بصائرهم ,إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب