عقد عليها ولم يوفر لها سكنا ويريد الاستمتاع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تمت خطوبتي على شاب منذ عامين وبعد عام من الخطوبة عقد قراني عليه لحين تجهيز منزل الزوجية. ومشكلتي معه:
أنه يريد أن يحصل بينا معاشرة زوجية كاملة ولكن دون الدخول وإن رفضت يهددني بأنه سيخونني إن لم استجب له.
أنه كثير الشك فيَّ لدرجة أنة منعني من الخروج والتحدث مع أصدقائي وجعلني أترك العمل بحجة أن في ذلك حفاظاً عليَّ من الوقوع في الحرام، مع العلم أني لم أفكر يوماً بما يفكر فيه.
وهو كذلك لا يحترم أهلي ودائماً يشتمهم ويسبهم، ويتهمهم بعدم تربيتهم لي تربية جيدة، وفي المقابل يريدني أن أذهب إلى أمه وأرضيها وإذا حصل منها خطأ علي فلا بد من الاعتذار لها حتى ترضى.
مع العلم أنه حتى الآن لم يقم بتجهيز أي شيء في المنزل ودائماً يتعذر بأوضاعه المادية السيئة. ولما كنت في عملي كان نصف راتبي تقريباً أصرفه عليه ويلزمني بشراء هدايا لأهله فهل له الحق في هذا، وهل علي شيء في حال عدم استجابتي لما يأمرني به. مع العلم أن أهلي وجميع من حولي يرون أنه غير مناسب لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا تم العقد أو ما يسمى بكتب الكتاب، فقد صرت زوجة له، ويباح للزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء، لكن لها أن تمتنع من تسليم نفسها له حتى يدفع لها المهر المعجل، ويجهز لها منزل الزوجية المناسب.
وقد نقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها , حتى يعطيها مهرها. "المغني" (٧/٢٠٠) .
وذكر الكاساني في "بدائع الصنائع" (٤/١٩) أن المرأة لها أن تمتنع من تسليم نفسها لزوجها حتى يوفر لها سكنا.
هذا هو الحكم الشرعي في المسألة.
والذي نخشاه أن يكون هذا الزوج غير جاد في توفير السكن والسعي إلى الاستقرار فيه وبناء الأسرة، وأنه يكتفي بتحصيل متعته من اللقاء بك. ولذلك ننصحك أن لا تلبي طلبه وألا تمكنيه من الاستمتاع، حتى يوفر لك السكن، وفي هذا حث له على الاهتمام والتعجيل بالدخول، وحفظ لك، فإنه قد يقع الجماع، بإلحاح منه، وضعف منك، ويحصل الحمل، ويترتب على ذلك آثار سيئة في حالة الطلاق أو تأخر الدخول المعلن أمام الناس.
ثانيا:
إذا كان عملك مباحا سالما من المحرمات، فلا ننصحك بتركه، وليس للزوج أن يمنعك منه ما دام قد عقد عليك وأنت تمارسين هذا العمل ولم يشترط عليك تركه. وعلى أقل الأحوال فإنه ينبغي أن تحتفظي بعملك وإن انقطعتِ عنه مؤقتا، بأخذ أجازة، إلى أن يتبين لك حال زوجك
ثالثا:
ينبغي الاهتمام والنظر في دين الزوج وخلقه ومحافظته على الصلاة وبعده عن المحرمات، والذي ظهر لنا من سؤالك أنه ليس بالرجل المرضي من هذا الجانب، ولهذا سهل عليه أن يسب والديك، بل وسهل عليه أن يهددك بأنه سيخونك!! ولا ندري كيف يصدر مثل هذا الكلام من رجل عاقل يقدر الأمور، فهل يصح أن يكون هذا وسيلة للضغط على الزوجة؟ يهددها أن يرتكب الزنا عقوبةً لها! إن هذا ليدل على نقصان كبير في الدين والعقل.
ولو أنا استُشرنا في أمر الزواج منه قبل أن يتم العقد لأشرنا عليك بعدم الزواج، لكن ما دام الأمر قد حصل، فإننا نقول: إن كان متهاونا بالصلاة، فينبغي أن تنصحي له المرة بعد المرة، فإن لم ينصلح حاله، فاسعي للفراق منه، فإنه لا خير لك في زوج متهاون بالصلاة.
رابعا:
إذا تبين لك أنه زوج متلاعب غير جاد في تجهيز المسكن ونحوه، وأنه قد يسيء إليك وإلى أهلك، - حتى لو كان من أهل الصلاة - فإنا ننصحك بمفارقته، ولو أن تخالعيه بالتنازل عن بعض حقك.
وقد ذكرت أن أهلك وجميع من حولك يرون أنه غير مناسب لك، ونظرة الأهل في هذه الأمور – غالباً – تكون أقرب إلى الصواب، لأنهم ينظرون إلى الأمر بنوع من التعقل، بعيداً عن العاطفة التي قد تعمي صاحبها عن الحق أحياناً، مع علمهم وخبرتهم بمثل هذه الأمور، ولذلك نرى أن تناقشي الأمر مع أهلك، وتعملي بما يشيرون عليك، مع استخارة الله تعالى، فإنه ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويذهب همك، ويقضي لك الخير حيث كان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب