للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نذرت إن انتهى الخلاف مع زوجها أن تصوم الخميس إلى الأبد

[السُّؤَالُ]

ـ[امرأة حصل بينها وبين زوجها خلاف. نذرت بأن تصوم يوم الخميس كل عمرها إذا انتهى الخلاف بدون طلاق. انتهى الخلاف وبدأت في صيام يوم الخميس. قدر الله أن يعود نفس الخلاف إلى السطح مرة ثانية عندما ذهبوا جميعا إلى بيت أبيها , ويصدر طلاق من الزوج في لحظه انفعال وغضب. المرأة داومت على صيام يوم الخميس وبعد فترة تصالحوا وانتهى الخلاف كليا. هل يلزمها صيام يوم الخميس مدى العمر , مع العلم أنها تصوم يوم الاثنين مدى العمر لتوفي بنذر آخر؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذا يسميه العلماء النذر المعلَّق، وهو تعليق النذر على حصول شيء معين، وحكمه أنه متى كان المنذور فعل طاعة وحصل الشرط المعلَّق عليه وجب الوفاء به. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) . رواه البخاري (٦٣١٨)

قال ابن قدامة رحمه الله عن نذر الطاعة: (وهو ثلاثة أنواع، أحدها: التزام طاعة في مقابل نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها، كقوله: إن شفاني الله فلله علي صوم شهر، فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع، كالصوم والصلاة والصدقة والحج، فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم. . . إلخ) المغني (١٣/٦٢٢) .

والشرط المعلَّق عليه النذر هنا هو "انتهاء الخلاف بينها وبين زوجها بدون طلاق".

وقصة هذه المرأة لا يخلو من أحد أمرين:

إما أن تكون قصدت انتهاء الخلاف المعين الموجود وقت النذر بدون طلاق، فهنا يلزمها الوفاء بالنذر لحصول الشرط وهو انتهاء الخلاف بدون طلاق، والطلاق بعد ذلك لا يؤثر لأنه يكون حينئذ قد وقع في خلاف آخر.

وإما أن تكون قصدت انتهاء الخلاف الذي حصل بسبب معين بينها وبين زوجها وزواله بالكلية بحيث لا يعود فلا يلزمها الصوم حينئذ لعدم حصول الشرط، فإنه قد عاد الخلاف مرة أخرى ووقع بسببه الطلاق. ولعل ما ورد في اسلؤال من عبارة: (قدَّر الله أن يعود نفس الخلاف) يشير إلى هذا.

فعلى المرأة أن تحدد قصدها، ثم تفعل ما يلزمها شرعاً.

وينبغي أن يُعلم أن النذر مكروه في الأصل، لما روى البخاري (٦٦٠٨) ومسلم (١٦٣٩) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ إِنَّهُ لا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيل ".

قَالَ الْمَازِرِيّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَب النَّهْي كَوْن النَّذْر يَصِير مُلْتَزَمًا لَهُ , فَيَأْتِي بِهِ تَكَلُّفًا بِغَيْرِ نَشَاط. وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَبه كَوْنه يَأْتِي بِالْقُرْبَةِ الَّتِي اِلْتَزَمَهَا فِي نَذْره عَلَى صُورَة الْمُعَاوَضَة لِلأَمْرِ الَّذِي طَلَبَهُ فَيَنْقُص أَجْره , وَشَأْن الْعِبَادَة أَنْ تَكُون مُتَمَحِّضَة لِلَّهِ تَعَالَى. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَيَحْتَمِل أَنَّ النَّهْي لِكَوْنِهِ قَدْ يَظُنّ بَعْض الْجَهَلَة أَنَّ النَّذْر يَرُدّ الْقَدَر , وَيَمْنَع مِنْ حُصُول الْمُقَدَّر فَنَهَى عَنْهُ خَوْفًا مِنْ جَاهِل يَعْتَقِد ذَلِكَ , وَسِيَاق الْحَدِيث يُؤَيِّد هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَم اهـ من شرح مسلم للنووي.

فينبغي للمؤمن أن يجتنب ما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن أراد أن يطيع الله تعالى فليطعه من غير نذر.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>