اشتراط الأب شيئا لنفسه مع المهر عند عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عادة في بعض المجتمعات وهي أن يشترط الأب شيئا لنفسه بالإضافة إلى مهر ابنته عند تزويجها فهل يحق هذا له أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لأَبِيهَا، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.. وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَبِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ. وَبِهَذَا قَالَ إسْحَاقُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ، اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلافٍ، فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ وَالْمَسَاكِينِ، ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ: جَهِّزْ امْرَأَتَك. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ: يَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ.. لأَنَّ الْمَهْرَ لا يَجِبُ إلا لِلزَّوْجَةِ , لأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا.. وَلَنَا (أي ودليلنا) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى , فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ، وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ، وَلأَنَّ لِلْوَالِدِ الأَخْذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام {أَنْتَ وَمَالُك لأَبِيكَ} وَقَوْلِهِ: {إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَنَحْوَهُ الترمذي وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ، يَكُونُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ، وَلَهُ ذَلِكَ.. فَإِنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ، وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ، وَإِذَا مَلَكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ.. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا
وقال رحمه الله: فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الأَبِ مِنْ الأَوْلِيَاءِ، كَالْجَدِّ وَالأَخِ وَالْعَمِّ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى (أي المهر) لَهَا.
[الْمَصْدَرُ]
المغني ج ٧ مسألة ٥٥٨٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute