للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا أسكن أحد الأبناء في شقة مجانا فهل يلزمه العدل مع بقية الأبناء

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي ابنتان وأربعة أبناء ذكور , تزوجت إحدى البنات وتزوج أحد الأبناء الذكور , بنيت ٤ شقق للأبناء الذكور ليسكنوها مجاناً على أن يقوموا بإعطاء البنات حقهن من الإيجار على أساس للذكر مثل حظ الانثيين , الآن ابني المتزوج يسكن في إحدى هذه الشقق ويقوم بدفع ثلث الايجار لأخته المتزوجة فقط , ولكن هل يجب عليه دفع شيء لأخته الغير متزوجة وهي في إعالتي حالياً؟ وكذلك إخوانه الذكور الآخرين الذين في إعالتي حالياً أيضاً علماً أنهم سيحصلون على شقق مشابهة بعد زواجهم بإذن الله؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

ينبغي التفريق بين النفقة والعطية، فالنفقة التي ينفقها الأب على أبنائه تختلف باختلاف حاجتهم، فنفقة الصغير ليست كنفقة الكبير، ونفقة من يدرس في المراحل الأولى ليست كنفقة من يدرس في الجامعة، ونفقة البنت ليست كنفقة الولد غالباً.

ومن ذلك: نفقة الزواج، فما ينفقه الأب على زواج أحد أبنائه لا يلزمه أن يعطي مثله لمن لم يتزوج؛ لأن هذا من باب النفقة التي تعطى من يحتاج لها فحسب، فإذا كبر آخر زوّجه، وهكذا.

وهذا يقال في المسكن أيضا، فإذا كان للأب مسكن، واحتاجه الابن المتزوج فإنه يعطى له من باب الانتفاع، لا التمليك، فتسد حاجته بذلك، وكذا لو احتاج سيارة مثلا، أعطيت له ليركبها، دون أن يملكها.

والمقصود: أنه يعطى كل ابن ما يحتاجه ويناسبه.

وأما العطية الزائدة على النفقة فهذه هي التي يجب فيها التسوية، ويحرم فيها تفضيل أحد الأبناء على الآخرين، فيسوَّى بين الأولاد الذكور، ويعطى الذكر مثل حظ الأنثيين.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله منبها على الفرق بين النفقة والعطية:

" فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس ويحتاج إلى نفقة للمدرسة من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك، والآخر لا يقرأ، وهو أكبر منه لكنه لا يحتاج، فهل إذا أعطى الأول يجب أن يعطي الثاني مثله؟

الجواب: لا يجب؛ لأن التعديل في الإنفاق يعني أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه.

مثاله: لو احتاج الولد الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال، واحتاجت الأنثى إلى قروط في الآذان قيمتها ألف ريال، فما هو العدل؟

الجواب: العدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى القروط بألف ريال أضعاف الذكر عشر مرات، هذا هو التعديل.

مثال آخر: إذا احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج، فما العدل؟

الجواب: أن يعطى من يحتاج إلى التزويج ولا يعطى الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج ويكون له أولاد صغار فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يُزَوًّج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام، ولا تنفذ أيضا، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه في التركة " انتهى من "الشرح الممتع" (٤/٥٩٩) .

وينظر في وجوب التسوية بين الأولاد في العطية جواب السؤال رقم (٢٢١٦٩) .

ثانيا:

ينبني على ما سبق، أن من تزوج من أبنائك، واحتاج إلى سكن، فلا حرج أن تأذن له بالسكن في إحدى الشقق، مع بقائها على ملكه، ولا يلزمه أن يعطي شيئا لإخوانه أو أخواته، كما لا يلزمك أن تعطيهم شيئا، ما داموا لا يحتاجون إلى مسكن، إما بسكناهم معك [في إعالتك] ، أو بسكن البنت مع زوجها.

فإن كان الابن غير محتاج للسكن، كان السماح له بالانتفاع بالشقة مجانا من باب العطية، فيراعى العدل حينئذ، بأن تعطي لبقية إخوانه مثل إيجار الشقة، أو يدفع الابنُ الأجرة وتكون لك، أو يعطي إخوانه جميعا حقهم من الأجرة.

وإن أردت تمليك الشقق لأبنائك، لزمك العدل بينهم، وجعل ما للذكر ضعف ما للأنثى، كما في الميراث، ومن الخطأ أن يملّك الابن الشقة مثلا، ثم يقال له: أعط إخوانك، أو أن يملّك الذكور، ويطلب منهم إعطاء الإناث؛ لأنهم قد يعطون وقد لا يعطون، وحاجة الابن للسكن – لو كان محتاجا – تندفع بالسماح له بالسكن، دون أن يملّك، فإذا أراد الأب التمليك، لزمه العدل، وينبغي أن يوثق ذلك منعا للنزاع والاختلاف بين الأولاد.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>