للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلف عليها بالطلاق ألا تكلم زوج أختها فكلمته بدون قصد

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا متزوجة وزوجي حلف علي يميناً أن لا أكلم زوج أختي، فهل هذا الشيء حلال؟ مع العلم أن زوج أختي قال: مرة لأختي سلمي على أختك، فأخبرتني أختي بذلك، فرددت السلام عليه، فهل وقع الطلاق، ومرة تكلمت مع زوج أختي بدون قصد، فهل وقع الطلاق؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

إذا كان المقصود أن زوجك حلف بالطلاق ألا تكلمي زوج أختك، كأن قال: علي الطلاق لا تكلميه، أو أنه علق الطلاق على ذلك فقال: إن كلمت زوج أختك فأنت طالق أو تكونين طالقا، فمنعك من الكلام معه إن كان لسبب واضح، كأن يكون الرجل لا ينضبط في كلامه معك، أو يحدث نوع من الاسترسال الذي لا يرضاه زوجك، أو يخشى من كلامه معك مفسدة، فلا حرج عليه في منعك، ولو كان هو يتكلم مع أختك.

ومعلوم أنك أجنبية عن زوج أختك، فلا يحل لك أن تكشفي شيئا أمامه، كما لا يحل لك مصافحته، وينبغي ضبط الكلام معه بحيث لا يكون فيه خضوع بالقول ولا استرسال في الحديث بغير حاجة؛ لأنه أجنبي كسائر الأجانب.

ثانيا:

هذا الحلف أو التعليق فيه تفصيل:

فإن قصد الزوج وقوع الطلاق عند كلامك مع زوج أختك، فإنك إن كلمتيه وقع الطلاق.

وإن قصد مجرد منعك، ولم يقصد وقوع الطلاق، فهذه يمين، إن شاء سمح لك وكفّر عن يمينه.

وهذا التفصيل هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبه أفتى جماعة من أهل العلم.

وأما الجمهور فقد ذهبوا إلى عدم التفصيل، وأنه إن حدث الكلام وقع الطلاق، من غير نظر إلى نية الحالف.

وانظر جواب السؤال رقم (٣٩٩٤١) .

ثالثا:

إن وقع منك الكلام وأنت ناسية لحلف لزوجك، فإن الطلاق لا يقع على الراجح، وهو مذهب الشافعية، وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وصوبها المرداوي في "الإنصاف" (٩/١١٤) .

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (٣/٣٠١) : " (وكذا) لا تطلق إن علّق بفعل (غيرٍ) من زوجةٍ أو غيرها وقد (قصدَ) بذلك (منعه) أو حثه (وهو ممن يبالي) بتعليقه فلا يخالفه فيه لصداقة أو نحوها (وعلم بالتعليق ففعله الغير ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً) " انتهى.

وقال ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (٤/١٧٨) : " متى حلف بطلاق أو غيره على فعل نفسه، ففعله: ناسيا للتعليق، أو ذاكرا له مكرها على الفعل، أو مختارا جاهلا بالمعلق عليه، لا بالحكم خلافا لمن وهم فيه: لم يحنث؛ للخبر السابق: (إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ، أي: لا يؤاخذهم بشيء من هذه الأمور الثلاثة ... وكذا لا حنث إذا علّق بفعل غيره المبالي بتعليقه، بأن لم يخالفه فيه لنحو صداقة أو حياء أو مروءة، وقصد بذلك منعه أو حثه وعلم بالتعليق، ففعله ذلك الغير ناسيا أو جاهلا أو مكرها " انتهى.

وينظر: فتاوى الشيخ ابن باز (٢٢/٤٧) .

ثالثا:

تبليغ أختك لك سلام زوجها، وردك على سلامه، لا يعتبر كلاما لزوج أختك، فلا يضرك هذا، وينبغي الرجوع إلى زوجك لمعرفة حدود ما يسمح به وما يمنعه، وما نواه بحلفه، فإن النية تخصص اللفظ، فقد يكون نوى منع الكلام في وقت دون وقت، أو في حال دون حال، أو يريد منع الاسترسال في الكلام، دون السلام ونحوه، مما يجري من الكلام عرضا.

والذي نوصيكِ به هو الحرص على بيتكِ وأسرتكِ، وتجنب الكلام مع زوج أختكِ مطلقا، والبعد عما يوقعكِ في ذلك، ما دام زوجكِ رافضا لذلك، إرضاء لزوجكِ، وحذرا من وقوع الطلاق عليك، مع إحسان الظن بزوجك والتماس العذر له، فقد يكون له سبب وجيه يدعوه لذلك، كما نوصيك بلزوم الحجاب أمام أزواج أخواتك، وإخوان زوجك، فإنهم جميعا أجانب بالنسبة لك.

ونسأل الله لكِ مزيدا من التوفيق والتسديد.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>