للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم العمل " محاسباً " في الشركات والمؤسسات والمصانع

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو الحكم الشرعي في وظيفة المحاسب القانوني؟ مع التفصيل.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا تخلو وظيفة " المحاسب القانوني " من مخالفات شرعية، ويتمثل ذلك في:

١. التعاون على الإثم والعدوان، ويتمثل ذلك بكتابة الحسابات المتعلقة بالشركات والمصانع والمؤسسات التي تبيع وتشتري وتصنع ما حرَّم الله تعالى، كمصانع الخمور أو الدخان والفنادق السياحية التي تقر الرذيلة وتشجع عليها.

قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/ ٢.

٢. كتابة الربا، وتوثيقه، فلا تكاد تخلو شركة أو مؤسسة في حساباتها من قروض ربوية، أو حسابات ربوية في البنوك، ووظيفة " المحاسب " تتعلق بكتابة هذه الحسابات والأرصدة وقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَال َ: هُمْ سَوَاءٌ) رواه مسلم (١٥٩٨) .

ولا تخلو فتاوى العلماء من الإشارة إلى كلا الأمرين أو أحدهما في الحكم على وظيفة " المحاسب " إلا أن يبيِّن أن عمله ليس فيه ما يخالف الشرع، فيكون مباحاً.

وهذه طائفة من فتاوى العلماء في حكم هذا العمل:

١. سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

لدي مكتب " محاسب قانوني "، نقوم فيه بعمل مراجعة البيانات المالية للمؤسسات، والشركات، من واقع الدفاتر المحاسبية التي لدى المؤسسة، وذلك بغرض إظهار نتيجة المراجعة في نهاية السنة المالية في شكل ميزانيات، وتقارير عن الوضع المالي للمؤسسة، لتقديمها عن طريق المؤسسة لإحدى الدوائر الحكومية، أو لأحد البنوك، أو لمصلحة الزكاة والدخل، وكذلك نقوم بعملنا خلال السنة للمراقبة على أموال المؤسسة من التلاعب والاختلاسات، ولدي بعض الأسئلة أرجو من سماحتكم الرد عليها:

١. قد يظهر لي بعض حسابات المؤسسات في بنود الميزانية حسابات مع البنوك، وتكون هذه الحسابات دائنة، أي: مطالَبة بها المؤسسة نتيجة لحصولها على قرض من هذا البنك، أو نتيجة سحبها أكثر من رصيدها، مما يترتب عليه أن يقوم البنك بأخذ فوائد على ذلك، أي: ربا، وبطبيعة عملنا فإننا نقوم بإظهار هذا الحساب مع بقية الحسابات الأخرى في الميزانية، وذلك من واقع دفاتر وسجلات المؤسسة، وكشوف البنك، ولا نستطيع إسقاطه من بقية الحسابات، ويجب إظهاره لكي تعبر الميزانية عن الواقع الحقيقي للمؤسسة، فهل علينا إثم في ذلك، وهل نعتبر من الشاهدين على الربا؟ .

٢. ما حكم إعداد هذه الميزانيات لهذه المؤسسات، إذا كان المكتب يعلم أنها ستقدم إلى البنك للحصول على قرض، ولكن المكتب يقدمها للمؤسسة وصاحب المؤسسة يقدمها للبنك؟ .

٣. قمنا بدراسة لإحدى المؤسسات بناء على طلب هيئة فض المنازعات التجارية، عن حسابات المؤسسة مع البنك، وذلك من واقع كشوف البنك المقدمة من البنك للمؤسسة، فقمنا بإظهار رصيد المؤسسة بدون العمولات، ورصيد المؤسسة بالعمولات، وتم تقديمه للمؤسسة لكي تقدمها للهيئة، وبحمد الله لم تدفع المؤسسة إلا القليل من تلك الفوائد، فهل يجور عمل مثل تلك الدراسات بالنسبة لمكتبنا؟ مع العلم أننا قمنا بعمل دراستين مثل ذلك.

فأجابوا:

"لا يجوز لك أن تكون محاسباً لما ذكرت في السؤال؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ٢٠ – ٢٢) .

٢. وسئلوا – أيضاً -:

إني أعمل عند رجل يتاجر في أعلاف الدواجن، ولكن يقترض من البنوك مبالغ للمتاجرة فيها مقابل فائدة متفق عليها، وأعمل محاسباً، وبحكم عملي: أقوم بتسجيل عمولة البنك، وفائدة البنك التي يفرضها علينا بحكم العقد، فما حكم الدِّين في عملي؟ .

فأجابوا:

"لا يجوز لك ذلك العمل؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان؛ ولأن الذي يعمل في ذلك يشمله الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) أخرجه مسلم في صحيحه" انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ١١، ١٢) .

٣. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

أنا محاسب لدى شركة تجارية، وتضطر هذه الشركة للإقراض من البنك قرضاً ربويّاً، وتأتيني صورة من عقد القرض لإثبات مديونية الشركة، بمعنى هل أعتبر آثما بقيد العقد دون إبرامه؟ .

فأجاب:

"لا يجوز التعاون مع الشركة المذكورة في المعاملات الربوية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء) رواه مسلم؛ ولعموم قوله سبحانه: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/ ٢" انتهى.

" فتاوى الشيخ ابن باز " (١٩ / ١٩٠) .

وانظر فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذه الوظيفة، في جواب السؤال رقم: (١١٣١٥) .

وانظر تفصيلاً وافياً: في جواب السؤال رقم: (١٠٣١٨١) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>