أذن المؤذن قبل الوقت بسبع دقائق فأفطروا
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرنا عندما أذن مؤذن الحي وبعد مرور ٧ دقائق سمعنا مؤذنا آخر؛ وبعد سؤال مؤذن الحي أفادنا أنه أذن بالغلط معتقدا دخول الوقت فماذا يلزم أهل الحي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أفطر ظانا غروب الشمس، ثم تبين له أنها لم تغرب، فعليه القضاء، في قول جمهور العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤/٣٨٩) :
" هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم " انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة: عن رجل أفطر بناء على قول ابنتيه بغروب الشمس، ثم لما خرج إلى الصلاة سمع المؤذن يؤذن للمغرب.
فأجابت:
" إذا كان فطرك واقعاً بعد غروب الشمس فليس عليك قضاء، وإن تحققت أو غلب على ظنك أو شككت أن فطرك حاصل قبل غروب الشمس فعليك القضاء أنت ومن أفطر معك؛ لأن الأصل بقاء النهار، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بناقل شرعي وهو الغروب هنا " انتهى.
"فتاوى الجنة الدائمة" (١٠/٢٨٨) .
وسئل الشيخ ابن باز: عن بعض الناس أفطروا ثم تبين لهم أن الشمس لم تغرب.
فأجاب:
" على من وقع له ذلك أن يمسك حتى تغيب الشمس، وعليه القضاء عند جمهور أهل العلم، ولا إثم عليه إذا كان إفطاره عن اجتهاد وتحرٍّ لغروب الشمس، كما لو أصبح أثناء النهار في يوم الثلاثين من شعبان، ثم ثبت أنه من رمضان في أثناء النهار فإنه يمسك ويقضي عند جمهور أهل العلم، ولا إثم عليه، لأنه حين أكل أو شرب لم يعلم أنه من رمضان، فالجهل بذلك أسقط عنه الإثم، أما القضاء فعليه القضاء " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (١٥/٢٨٨) .
وذهب بعض أهل العلم إلى صحة الصوم حينئذ، وعدم لزوم القضاء، وهو مروي عن مجاهد والحسن، وقال به إسحاق وأحمد في رواية، والمزني وابن خزيمة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعا.
انظر: "فتح الباري" (٤/٢٠٠) ، "مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام" (٢٥/٢٣١) ، "الشرح الممتع" (٦/٤٠٢- ٤٠٨) .
واحتجوا بما رواه البخاري (١٩٥٩) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: لا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا يقول: لا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لا؟
وقول هشام: لا بد من القضاء. قاله من عنده تفقهاً، ولم يقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ولهذا قال الحافظ:
" وَأَمَّا حَدِيث أَسْمَاء فَلا يُحْفَظُ فِيهِ إِثْبَات الْقِضَاء وَلا نَفْيُهُ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٦/٤٠٢) :
" فأفطروا في النهار بناء على أن الشمس قد غربت فهم جاهلون، لا بالحكم الشرعي، ولكن بالحال، لم يظنوا أن الوقت في النهار، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجبا لكان من شريعة الله، ولكان محفوظا، فلما لم يحفظ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل براءة الذمة، وعدم القضاء " انتهى.
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٢٥/٢٣١) :
" وهذا يدل على أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به. فإن قيل: فقد قيل: لهشام بن عروة: أمروا بالقضاء؟ قال: أو بد من القضاء؟ قيل: هشام قال ذلك برأيه، لم يرو ذلك في الحديث، ويدل على أنه لم يكن عنده بذلك علم: أن معمراً روى عنه قال: سمعت هشاماً قال: لا أدري أقضوا أم لا؟ ذكر هذا عنه البخاري. وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء، وعروة أعلم من ابنه " انتهى باختصار وتصرف يسير.
وإذا أخذتم بالاحتياط وقضيتم يوماً مكانه فهو أحسن، وقضاء يوم أمر سهل والحمد لله، ولا إثم عليكم فيما حدث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب