زنى بامرأة وتزوجت بغيره ويريد الزاني الزواج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[اتصل بي أحد الاخوة من نفس مدينتي المسلمة وهو على علاقة بإحدى قريباتي (لقد أخبرني الآن ولم يكن لدي علم من قبل) ويدعي أنهما ارتكبا الزنا وأنها ربما تكون في انتظار ابنه قريبا. كان يفترض أن يتزوج بها في أقرب وقت. مؤخرا تزوجت شخصا آخر وهي الآن هنا. الأخ الذي اتصل بي ذهل عندما عاد من رحلة عمل وعلم بالأمر. يريدني أن أسمح له بالاتصال بها وأود أن أنصحه بأن ينساها وأن يتوب إلى الله حيث أنها كانت تعبث معه خلال السنتين الماضيتين. لقد عبثت معي أيضا ولكن الله هداني. لا أظن أن أحدا ممن ذكرتهم يطبق الشريعة أو يصلي أيضا. ما هي المسؤولية الواجبة علي من ناحية إسلامية؟ وهل علي أن أستشير أحدا آخر؟ أرجوك أيها الشيخ انصحني فأنا لا أعلم ما يجب علي فعله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سؤالك أيها المسلم يحتوي على معضلات وليس معضلة واحدة فحسب، وإليك بيانها:
١- ترك الصلاة من قبل صديقك وقريبتك اللذان ينتسبان إلى الإسلام، وهذا العمل كفر أنظر للضرورة السؤال (٥٢٠٨) و (٢١٨٢) ، بل إنك تقول بأنهم لا يُطبقون الشريعة الإسلامية وهذه رزية فوق رزية، وكفر على كفر نعوذ بالله من ذلك.
٢- الوقوع في الزنا والمعلوم تحريمه بالضرورة من دين الإسلام، بل هو محرم حتى في الأديان السماوية الأخرى.
٣- زواج المرأة الزانية وهي حامل من الزنا.
٤- طلب الزاني الزواج من الزانية بعد زواجها من غيره.
فبأي رزية نبدأ، وعلى أي سؤالٍ نجيب فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فلنبدأ بالأهم فالأهم:
١- الكفر بترك الصلاة وسائر شعائر الدين..
مما لا شك فيه أن الكفر موجب لدخول النار قال تعالى عن المشركين في جوابهم عن سبب دخولهم النار {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) } المدثر.
قال ابن كثير في تفسير هذا المقطع:
" {لم نك من المصلين} أي ما عبدنا ربنا.
{ولم نك نطعم المسكين} أي: ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا.
{وكنا نخوض مع الخائضين} أي نتكلم فيما لا نعلم وقال قتادة: كلما غوى غاوٍ غوينا معه.
{وكنا نكذب بيوم الدين} قال ابن جرير: قالوا: وكنا نكذب بيوم المجازاة والثواب والعذاب, ولا نصدق بثواب ولا عقاب ولا حساب.
{حتى أتانا اليقين} يعني الموت كقوله تعالى " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ".
أما بالنسبة لك أيها السائل فالواجب عليك نصحهم وإقامة الحجة عليهم وأن تبين لهم أنَّ ماهم عليه هدم لعمود الدين والركن الركين من أركان الإسلام، فعليهم المبادرة بالتوبة من ترك الصلاة وسائر شعائر الإسلام، ولا يجوز لك التهاون مع تارك الصلاة بأي حال وتبدأ بنصحه وتوجيهه ثم بهجره والإعراض عنه وترك السلام عليه، وعدم مؤاكلته والجلوس معه إذا كان ذلك يفيده، وإشعاره بعظم ذنبه لعله يرجع إلى ربه ويتوب.
٢- الوقوع في الزنا ذنبٌ عظيم قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء/٣٢، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه البخاري رقم (٢٤٧٥) .
وهو من كبائر الذنوب، ومرتكبه متوعد بعقاب أليم فقد جاء في الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي فيه: ( ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ ... قَالَ قَالا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم (٧٠٤٧) راجع للأهمية سؤال (١١١٩٥) .
٣- وأما المسألة الثالثة وهي زواج الزانية وهي حامل فاعلم أنه " لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب ... وإذا أراد رجلٌ أن يتزوجها وجب عليه أن يستبرأها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح وإن تبين حملها لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ... " انتهى من فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم –رحمه الله - انظر الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ٢/ ٥٨٤
وبناءً عليه فإن زواج هذه المرأة وهي حامل من الزنى زواجٌ باطل، ويجب على من تزوجها أن يُفارقها حالاً، وإلا فهو زانٍ يُقام عليه حد الزنى.
ثم إذا فارقها ووضعت حملها وصار رحمها بريئاً، وتابت توبةً صادقة فيجوز له أن يتزوجها بعد توبته هو أيضاً.
٤- وأما الرجل الأول – الزاني – فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يجوز له أن يتزوجها مطلقاً لأمرين:
أولاً: لأنهما زانيان، ونكاح الزناة محرم على المؤمنين.أنظر سؤال (١١١٩٥) .
ثانياً: لارتباطها برجل آخر غيره.
فعليه أن يصرف النظر عنها البتة، وأن يتوب إلى الله من عظيم جرمه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم اهد ضال المسلمين، وردنا إليك رداً جميلاً يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد