للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم النظر إلى النساء المتبرجات بقصد أو بغير قصد

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم النظر إلى النساء المتبرجات: بقصد، أو بغير قصد؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

"إن النظر بقصد لا يجوز، لقوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/٢، وقد جعل الله سبحانه وتعالى العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته، وفي الصحيح (أن الفضل بن عباس رضي الله عنهما دفع يوم النحر من مزدلفة إلى منى فمرت ظعن [أي: نساء] يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الشق الآخر) . قال ابن القيم في "روضة المحبين": هذا منع - أي للنظر إلى الأجنبيات- وإنكار بالفعل، فلو كان النظر جائزاً لأقره عليه، قال: وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) . فبدأ بزني العين لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج. ونَبَّه بزني اللسان بالكلام على زنى الفم بالقُبَل. وجعل الفرج مصدقاً لذلك إن حقق الفعل، أو مكذباً له إن لم يحققه. قال: وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر، وأن ذلك زناها، ففيه رد على من أباح النظر مطلقاً. ا. هـ.

وأما النظر بغير قصد من الناظر فلا يعاقب عليه إذا لم يتعمده القلب، فإذا أتبعه نظراً آخر أثم، روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن جرير رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وروى أحمد وأبو داود والترمذي عن بريدة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (يا عليّ، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة) قال الترمذي: حسن غريب. ففي هذين الحديثين دليل على أنه إذا صرف النظر في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم. وفي (باب نظر الفجأة، وما كره من النظر) من (كتاب الورع) للإمام أحمد بن حنبل رواية أبي بكر أحمد بن محمد المروذي عنه ما نصه: قلت لأبي عبد الله [يعني: الإمام أحمد] : رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية، غير أنه لا يدع النظر، قال: أي توبة هذه؟! قال جرير: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري) " انتهى.

"فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله" (١٠/١٦-١٨) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>