حكم التسميع والتحميد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول " سمع الله لمن حمده " و " ربنا لك الحمد " في الصلاة واجب أم سنة؟
وهل يقول المأموم " سمع الله لمن حمده "؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم التسميع (يعني قول: سمع الله لمن حمده) ، والتحميد (يعني قول: ربنا ولك الحمد) في الصلاة على قولين:
القول الأول: قول الجمهور: الأحناف والمالكية والشافعية أنه سنة من سنن الصلاة وليس من واجباتها.
القول الثاني: أنه من واجبات الصلاة، وهو قول الحنابلة.
قال ابن قدامة في "المغني" (١/٥٧٨) :
" والمشهور عن أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول " سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد "، وقول " رب اغفر لي " بين السجدتين، والتشهد الأول – واجب، وهو قول إسحاق وداود.
وعن أحمد أنه غير واجب، وهو قول أكثر الفقهاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ المسيء في صلاته، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة " ثم استدل ابن قدامة على الوجوب بعدة أدلة:
١- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، وأَمرُهُ للوجوب.
٢- وفَعَلَهُ وقال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي) .
٣- وقد روى أبو داود (٨٥٧) عن علي بن يحيى بن خلاد عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ.. إلى قوله.. ثُمَّ يَقُولُ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ " حَتَّى يَستَوِيَ قَائِمًا) وصححه الألباني في صحيح أبي داود
٤- ولأن مواضع هذه الأذكار أركان الصلاة، فكان فيها ذكر واجب كالقيام.
وأما حديث المسيء في صلاته فقد ذَكَرَ في الحديث الذي رويناه تعليمَه ذلك، وهي زيادة يجب قبولها، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمهُ كُلَّ الواجبات، بدليل أنه لم يُعَلِّمْهُ التشهد ولا السلام، ويحتمل أنه اقتصر على تعليمه ما رآه أساء فيه " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٣/٤٣٣) :
" والدليل على ذلك ما يلي:
أولا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك، فلم يَدَعْ قول " سمع الله لمن حمده " بأي حال من الأحوال.
ثانيا: أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام.
ثالثا: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد) فعلى هذا يكون للتحميد ثلاثة أدلة، وللتسميع دليلان فقط " انتهى.
كما يستدل بعض الحنابلة على الوجوب بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا بُرَيْدَةُ! إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَقُلْ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بَعْدُ) رواه الدارقطني (١/٣٣٩) .
لكنه حديث ضعيف، نص أهل العلم على ضعفه، انظر ابن عبد الهادي في "تحقيق التعليق" (١/٣٩٤) ، والعراقي في "طرح التثريب" (٢/٣٣١) والشوكاني في "نيل الأوطار" (٢/٢٧٨)
وانظر "الموسوعة الفقهية" (٢٧/٨٢، ٩٢-٩٣) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (٤٣٥٧٤) ، اختيار القول بوجوب التسميع والتحميد، وبيان أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد باتفاق العلماء، وأن الإمام يجمع بينهما أيضاً وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وأما المأموم فإنه يقتصر على التحميد فقط ولا يشرع له التسميع، كما هو مذهب الجمهور، وقد سبق هناك ذكر الأدلة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب