حكم الاشتراك في موقع "أجلوكو"، وحكم المال المكتسب منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المشاركة في مواقع "أجلوكو" وهو برنامج ربح عن طريق الإنترنت، ويمكنكم فهم طريقة الربح بقراءة هذا الكلام: " كيف تربح، الربح ناتج عن قناتين: القناة الأولى: هي تشغيلك للفيوبار ١٠ دقائق يوميّاً، أي: ٥ ساعات شهريّاً، وهذه هي الفترة التي حددتها "أجلوكو" حاليّاً، القناة الثانية: وهي الأكثر ربحاً: هي استضافتك لأكبر عدد ممكن من المشتركين، حيث تربح من كل مشترك استضفته مبلغ في حدود ٣٠ دولاراً، هذا بالإضافة إلى الأرباح الشهرية التي تحددها "أجلوكو" لكل مشترك حيث إن "أجلوكو" تخصص ٩٠ % من أرباحها لأعضائها الذين هم نحن، وبالتالي فإن كل عضو في "أجلوكو" بالتأكيد سيربح، ولو على أقل تقدير ٥٠٠ دولاراً". هذا في حال استضاف عدداً قليلاً من المشتركين، أما إذا كان المشترك نشطاً: فإن أرباحه الشهرية لا حدود لها فقد تكون ٥٠٠٠ دولاراً، أو ١٠٠٠٠ دولاراً، أو أكثر، حسب نشاطه، وعدد المشتركين الذين قدمهم لـ "أجلوكو". فما حكم هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن المسلمَ عبدٌ لله تعالى، يعيش في هذه الدنيا ونصب عينيه أوامر ربه تعالى ليفعلها، ونواهيه عز وجل ليدع فعلها، ومن مقتضى العبودية: البُعد عن كل ما يسخطه تعالى من الأقوال والأفعال.
وربنا تعالى خلق كل ما في الأرض للإنسان، وأباح له التنعم بما فيها من خيرات، وما حذَّره منه قليل في مقابل ما أباحه له.
وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن العبد لا بدَّ وأنه مسئول يوم القيامة عن مالهِ من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، ولذا فعلى العبد أن يعلم الكسب الحلال من الحرام، وأن يعلم مجالات الإنفاق المباحة من المحرمة؛ خشية أن يعرِّض نفسه لسخط ربه تعالى وعقابه.
وقد جُبلت النفوس على حب المال، وزيِّن للناس حب الذهب والفضة، ولكن عبودية المسلم لربه تعالى تأبى أن يكون عبداً للدرهم والدينار، وتأبى أن يحرص على تحصيل هذه الزينة والشهوة على حساب غضب الله تعالى وسخطه.
ثانياً:
مما اشتهر في هذه الأيام الدعوة للكسب السريع الهيِّن عن طريق موقع عالمي مشهور، وكل ما يطلبه منك هذا الموقع تنزيل برنامج خفيف المحمل، قليل الحجم، وتضعه في جهازك؛ ليتم به أمران:
الأول: أن تصبح بذلك عضواً في ذلك الموقع، فيتكثر بك أمام المواقع الأخرى، وأمام الشركات، وأصحاب البضائع.
والثاني: أن تدخل من خلاله لمواقع عالمية مشهورة تختص بالبحث – مثل "جوجل" -، أو ببيع الكتب – مثل "أمازون" -، فإذا دخلتَ على تلك المواقع العالمية المشهورة من خلال ذلك البرنامج السهل الخفيف: ذهبت عمولة معينة – وهي ١٠ سنتات – لذلك الموقع صاحب ذلك البرنامج الخفيف.
وهذا البرنامج عندما تنزله على جهازك فإنه يصبح ثابتاً في شاشة جهازك، وهو عبارة عن شريط تظهر فيه أسماء تلك المواقع العالمية المشهورة ليتم الدخول من خلاله لها، وتظهر فيه روابط إعلانية لشركات ومصانع ومؤسسات تسوق لبضائعها ومنتجاتها.
وهذا الموقع العالمي الذي يطلب منك تنزيل ذلك البرنامج ليصبح شريطاً في أسفل شاشتك هو: "أجلوكو" (Agloco) ، وذاك البرنامج الشريط هو ما يسمى "الفيوبار".
و"أجلوكو" هو اختصار جملة " المجتمع العالمي (A Global Community) ، وهي شبكة اقتصادية عالمية تم إنشاؤها في نوفمبر، سنة ٢٠٠٦ م.
والشركات التي ترغب في الإعلان عن منتجاتها أو بضائعها أو مخترعاتها إنما تبحث عن المواقع التي يقصدها أكبر عددٍ من المتصفحين، ولذلك تتنافس المواقع في جذب أكبر عددٍ منهم ليتم من خلال ذلك العدد جذب الشركات ومواقع الإعلان لهم.
وقد رأى أصحاب ذلك الموقع أن خير طريقة لجذب المتصفحين له هو وعدهم بأن يكون لهم نصيبٌ من الأرباح المجناة من تلك الشركات المعلنة عندهم، وهي تقول لمتصفحيها نحن نتكثر بكم، ونفيدكم بما نكسبه، ويعد أصحاب الموقع الأعضاء النشيطين بمزيد من الأرباح الشهرية، وذلك في حال نجاحهم بجذب متصفحين غيرهم، ينزلون ذلك البرنامج عندهم على أجهزتهم.
وهنا أمران مهمان لا بدَّ من الإشارة لهما:
الأول: أن الموقع "أجلوكو" لا يستوفي مبلغاً مقابل الاشتراك معهم.
والثاني: أنه لا يُلزم بالدخول على الصفحات التي تظهر روابطها على شريطهم.
هذا هو ملخص وخلاصة المسألة الوارد ذِكرها في السؤال، وأما حكمه من ناحية الشرع: فالذي يظهر لنا هو عدم جواز الاشتراك معهم للأسباب التالية:
الأول: أن المشترك معهم سيكون جزءً من هذا الموقع العالمي، بل قد يكون من أصحاب الأسهم – حيث وعدوا بإعطاء أرباح مكونة من مال وأسهم في الموقع -، ولا شك أن هذا الموقع سيحمل في طياته كثيراً من المخالفات الشرعية، مكتوباً، ومسموعاً، ومرئيّاً، فهم ليسوا من المسلمين الذين يعبدون الله، بل هم من عبيد الشهوات، وعبيد اليورو والدولار.
والثاني: أن الاشتراك معهم سيكون سبباً في إيصال روابط لمواقع وشركات تشتمل على المحرمات والمنكرات، فهناك مواقع إباحية فاسدة، وهناك مواقع للموسيقى والغناء، ومواقع للبورصات العالمية، والبنوك الربوية، ومواقع تعارف بين الجنسين، وصور، وأفلام فيها من الحرام الشيء الكثير، وكل ذلك ستظهر روابطه على جهازك، وإذا ضمن المسلم نفسه بعدم الدخول: فإنه لا يضمن غيره ممن يستعمل جهازه، مع أن الأصل أن اشتراكه في ذلك الموقع هو الذي دفع شركات الإعلان والمواقع ذات المحرمات والمنكرات للإعلان في موقع "أجلوكو"، وبالتالي وصلت الإعلانات – بما فيها من منكرات – لجهازك.
والعجيب أن ذلك البرنامج المسمى "الفيوبار" سيتعرف على ميول المتصفح بحسب المواقع التي يزورها، ومن ثم فإنه سيرسل لك روابط إعلانات تتوافق مع رغبتك، فلو كان المتصفح يدخل مواقع الغناء: فإنه ستأتيه روابط إعلانية لمواقع غنائية، وموسيقى، وهكذا لو دخل أحد المتصفحين موقعاً فاجراً يحوي صوراً وأفلاماً: فإنه ستأتيه روابط إعلانية تتوافق مع ما يدخله من تلك المواقع الفاسدة.
ولذلك: فإننا نرى حرمة الاشتراك في ذلك الموقع المسمى "أجلوكو"؛ لما يتسببه الاشتراك معهم في تقويته أمام شركات الإعلانات، وأمام الشركات والمواقع الراغبة في الإعلان؛ ولما يتسببه الاشتراك معهم في وصول إعلانات لمواقع تحوي المنكرات والمحرَّمات.
ونحذِّر المسلمين من الاغترار بدعايتهم بالكسب السريع، والحلال! ونحذِّرهم مما ينشرونه في دعايتهم من فتوى للشيخ الدكتور سامي السويلم حفظه الله، فهي لا علاقة لها بحقيقة عملهم، وفتواه حفظه الله كانت في مواقع تقدم عمولات مقابل تصفح الإعلانات لديها، وفي الفتوى ذاتها قوله حفظه الله: " وهذا النوع لا حرج فيه - إن شاء الله - بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية، ولا تتضمن الدعاية لمحرم، أو منكر "! وأنَّى لموقع "أجلوكو" أن يمنع تلك المحرمات، والمنكرات من وجودها على أجهزة مشتركيه؟! وأخيراً نقول:
إن الله تعالى وسَّع لنا أبواب الرزق الحلال، وأكثر لنا من طرقه وسبُله، والمال الحلال يبارك الله تعالى فيه وإن كان قليلاً، والمال الحرام يمحقه ولو كان كثيراً.
ونسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب