يحب العلم فكيف يصل إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري ٢١ سنة محافظ على الواجبات ولله الحمد وأحفظ القرآن الكريم كاملا ولدي مقدرة جيدة على الحفظ وأحب الكتب جدا وأريد أن أطلب العلم، التحقت بحلقات ودروس علمية في الفقه والعقيدة الحديث، لكنني أيقن تماما أن هذا لا يكفي أبدا فالمعول على الطالب نفسه أريد أن أحفظ وأقرأ وأبحث ولا أدري كيف وبم ومن أين أبدأ، لي فترة وأنا أتخبط من كتاب إلى آخر بدون منهج وكل ما أخافه هو أن يضيع علي العمر النفيس في أمور يمكن اختصارها، طموحي أن أخلف الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وأنال من الأجر مثله وأكثر بإذن الله طال العمر أم قصر، هذا هو ما أصبو إليه وسأناله بمشيئة الله مهما كلف الأمر وسأدفع ثمنا لذلك شبابي وراحتي وسعادتي ولذيذ النوم والكسل.
ليس هذا مجرد كلام في وقت غلبني فيه الحماس بل هو ما يشغل تفكيري الليل والنهار فأنا جاد وأرجو منكم أن ترعوني اهتمامكم ولو بالإجابة على هذه الرسالة.، أريد أن أعرف هل يمكنني تحقيق ذلك -أي ما ذكرته أعلاه -أم أن الركب قد فاتني، وكيف السبيل إليه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي رفع الهمة، وأسبغ النعمة، وهدى إلى طريق الحق بأوضح حجة.
والصلاة والسلام على نبي الأمة، ومُبَيِنِ الحُجَّة، ومرشد الخلق إلى طريق الجنة.
وبعد ...
أيها الأخ الكريم.. هنيئاً لك ثم هنيئاً لك ثم هنيئاً لك.
أي نعمة أنعم الله بها عليك؟ ... وأي فضل آتاك إياه؟ ... فقد وفقك إلى حفظ القرآن فلله الحمد أولاً وأخراً ... ثم حبب إليك العلم، وهذه من أعظم النعم " ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين "، ومن " أخذ بالعلم فقد أخذ بحظ وافر " لأن الله قال: (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة.
ثم وهبك مزيد إنعام، فأعطاك همة عالية ونفساً وثابة، فنسأل الله لك الحسنى وزيادة.
إن علو الهمة من معالي الأمور , وشرف النفوس. فعليك بشكر الله والقيام بما أعطاك حق القيام.
وأما بالنسبة للكتب التي تدرسها فقد تقدمت الإشارة إليها في السؤال رقم (٢٠١٩١) . فارجع إليه للأهمية.
وبعد أن تحفظ المختصرات وتتقنها مع شرحها وتضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات، انتقل إلى بحث المبسوطات، مع المطالعة الدائمة، وتعليق ما يمر بك من الفوائد النفيسة، والمسائل الدقيقة، والفروع الغريبة، وحل المشكلات، والفروق بين أحكام المتشابهات، من جميع أنواع العلوم، ولا تستقل بفائدة تسمعها، أو قاعدة تضبطها، بل بادر إلى تعليقها وحفظها.
ولتكن همتك في طلب العلم عالية؛ فلا تكتفِ بقليل العلم مع إمكان كثيره، ولا تقنع من إرث الأنبياء صلوات الله عليهم بيسيره، ولا تؤخر تحصيل فائدة تمكنت منها ولا يشغلك الأمل والتسويف عنها؛ فإن للتأخير آفات، ولأنك إذا حصلتها في الزمن الحاضر؛ حصل في الزمن الثاني غيرها.
واغتنم وقت فراغك ونشاطك، وزمن عافيتك، وشرخ شبابك، ونباهة خاطرك، وقلة شواغلك، قبل عوارض البطالة أو موانع الرياسة.
وينبغي لك أن تعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنك؛ لأنها آلة التحصيل، ولا تجعل تحصيلها وكثرتها (بدون فائدة) حظك من العلم، وجمعها نصيبك من الفهم، بل عليك أن تستفيد منها بقدر استطاعتك. نسأل الله لك التوفيق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد