إذا احتاج الأب للمال فهل يأخذ من مال ابنه المكتسب من مقهى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لأمي وأبي اللذين في أمس الحاجة إلى المال أن يأخذاه من عند أخي الذي يمتلك مقهى يتم فيها لعب الورق وتناول الشيشة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
للأب أن يأخذ من مال ولده، ما احتاج إليه، إذا كان لا يضر بالابن.
وذلك لما روى ابن ماجه (٢٢٩١) وابن حبان في صحيحه (٢/١٤٢) من حديث جابر، وأحمد (٦٩٠٢) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) . والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وهذا الأخذ مشروط بشروط بينها الفقهاء، قال ابن قدامة رحمه الله: " ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر. نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى. وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف , فأخذها , وأنفقها في سبيل الله , وقال للزوج: جهز امرأتك.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا) متفق عليه " انتهى من "المغني" (٥/٣٩٥) .
وقد ورد ما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط حاجة الأب، وهو ما رواه الحاكم (٢ / ٢٨٤) والبيهقي (٧ / ٤٨٠) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم هبة الله لكم {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (٢٥٦٤) .
فإذا احتاج الأب للمال فله أن يأخذ من مال ولده، فينفق على نفسه وعلى من يعول، بشرط ألا يضر بالابن وألا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته، كسيارته التي يركبها ونحو ذلك. وانظر السؤال رقم (٩٥٩٤)
ثانيا:
شرب الشيشة محرم، والمال المكتسب منه محرم كذلك، لكن إذا كان في المقهى ما يباح أكله أو شربه، كالشاي والقهوة وما شابه ذلك، فالمال الذي يجنيه أخوك من المقهى يُعدّ مالا مختلطا، اجتمع فيه الحلال والحرام، وما كان كذلك فإنه يجوز للغير أن يأكل منه، وأن يتعامل مع صاحبه بالبيع والشراء وقبول الهبة ونحو ذلك، وإن كان الورع ترك معاملته والأخذ من ماله، لكن حيث كان الأب محتاجا لهذا المال فلا حرج عليه في الأخذ منه، مع نصح الابن بتقوى الله تعالى، وترك التعامل بالحرام.
قال الدسوقي رحمه الله: " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام، المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى من "حاشية الدسوقي" (٣/٢٧٧) باختصار. وانظر السؤال رقم (٤٥٠١٨) .
وانظر في حكم لعب الورق السؤال رقم (١٢٥٦٧) ورقم (٣٢١) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب