للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرحام المتقطّعة والعلاقات

[السُّؤَالُ]

ـ[ما معنى صلة الرحم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لقد دعا الإسلام إلى صلة الرحم لما لها من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي ودوام التعاون والمحبة بين المسلمين. وصلة الرحم واجبة لقوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) سورة النساء آية١. وقوله: (وآتِ ذا القربى حقه والمسكين) سورة الإسراء آيه ٢٦.

وقد حذر تعالى من قطيعة الرحم بقوله: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) سورة الرعد آيه ٢٥. وأي عقوبة أكثر من اللعن وسوء الدار تنتظر الذين يقطعون أرحامهم، فيحرمون أنفسهم أجر الصلة في الآخرة، فضلا عن حرمانهم من خير كبير في الدنيا وهو طول العمر وسعة الرزق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ". رواه البخاري (٥٩٨٦) ومسلم (٢٥٥٧) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذاك لك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أقرأوا إن شئتم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/١١٢

إذا عرفنا هذا فلنسأل من هو الواصل للرحم؟ هذا ما وضّحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " رواه البخاري (٥٦٤٥) .

فإذا كانت العلاقة ردا للجميل ومكافأة وليس ابتداء ومبادرة فإنها حينئذ ليست بصلة وإنما هي مقابلة بالمثل، وبعض الناس عندهم مبدأ: الهدية مقابل الهدية، ومن لم يهدنا يحرم، والزيارة مقابل الزيارة، ومن لم يزرنا يقاطع ويهجر، فليست هذه صلة رحم أبدا وليس هذا ما طلبه الشّارع الحكيم، وإنما هي مقابلة بالمثل فقط وليست هي الدرجة العالية التي حثّت على بلوغها الشّريعة. قال رجل لرسول الله عليه وسلم: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال: " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ". رواه مسلم بشرح النووي ١٦/ ١١٥. والملُّ هو الرماد الحار. ومن يطيق أن يلقم الرماد الحار أعاذنا الله من قطيعة الرحم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>