لا حرج في دفع الزكاة للوالد المدين ليقضي دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعندي مال أزكيه كل سنة، فهل لي أن أعطي والدي زكاة مالي ليقضي به دينه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
الأصل أنه لا يجوز صرف الزكاة للأصول، وهم الأب والأم والأجداد والجدات. وكذا لا يجوز صرفها للفروع وهم: الأبناء والبنات وأولادهم ; وذلك لأن نفقتهم واجبة , فيستغنوا بها عن أخذ الزكاة.
قال ابن قدامة: "ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين , وإن علوا , ولا للولد , وإن سفل قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين , في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم , ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته , وتسقطها عنه , ويعود نفعها إليه , فكأنه دفعها إلى نفسه , فلم تجز.." انتهى من المغني (٢/٢٦٩) بتصرف يسير.
وهذا إذا كان يعطيهم الزكاة ليسقط بذلك واجباً عن نفسه وهو النفقة عليهم، أما قضاء دين الوالدين فغير واجب على الولد، فلا حرج أن يعطيهما زكاته لقضاء الدين.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٣/١٧٧) : "وقيد المالكية والشافعية وابن تيمية من الحنابلة الإعطاء الممنوع بسهم الفقراء والمساكين , أما لو أعطى والده أو ولده من سهم العاملين أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة فلا بأس.
وقالوا أيضاً: إن كان لا يلزمه نفقته جاز إعطاؤه" انتهى.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
هل يصح لي إخراج زكاة المال إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله؟ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني غير القاصرين، ولكني أشعر أنهم محتاجون إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس، أدفع لهم هذه الزكاة؟
فأجاب:
"إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم. وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز، فإذا قدر أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء، وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم؛ فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك. وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت دينهم من زكاتك، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً؛ وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه، فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزياً حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه، فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك، أي يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك، فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (١٤/٣١١) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم دفع الإنسان زكاته إلى أصله وفرعه؟
فأجاب: "دفع الزكاة إلى أصله وفرعه أعني آباءه وأمهاته وإن علوا، وأبناءه وبناته وإن نزلوا إن كان لإسقاط واجب عليه لم تجزئه، كما لو دفعها ليسقط عنه النفقة الواجبة لهم عليه إذا استغنوا بالزكاة، أما إن كان في غير إسقاط واجب عليه، فإنها تجزئه، كما لو قضى بها ديناً عن أبيه الحي، أو كان له أولاد ابن وماله لا يحتمل الإنفاق عليهم وعلى زوجته وأولاده، فإنه يعطي أولاد ابنه من زكاته حينئذ؛ لأن نفقتهم لا تجب عليه في هذه الحال، وبذل الزكاة للأصول والفروع في الحال التي تجزئ أولى من بذلها لغيرهم؛ لأن ذلك صدقة وصلة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (١٨/٤١٥) .
والحاصل: يجوز للولد دفع زكاة ماله لوالده وكذا العكس، إذا كان عليه دين لا يقدر على سداده.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب