زوجته تريد الطلاق بسبب إعفائه اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم ومتزوج من ابنة عمي ولي منها ولدان. كما أنبه سعادتكم أني طالب بإحدى مدن أمريكا الشمالية. وفي خلال إقامتي في هذه الديار هداني الله عز وجل إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن هذا الالتزام (خصوصا إعفاء اللحية) لم يرق لزوجتي. وكلما تكلمت معها وحاولت أن أوضح لها أن هذا أمر ويجب الالتزام به نفرت مني وانتابتها حالة من الهستريا. بل أن الأمر يصل إلى حد أنها تطلب مني أن أطلقها الأمر الذي أرفضه مادمنا في بلاد المهجر. والآن هي مصرة على الطلاق إن أنا أصررت على إعفاء اللحية. هذه الوضعية دفعتني، وأنا غير راض، إلى الأخذ من لحيتي من وقت لآخر تفاديا للوصول إلى أمر لا تحمد عقباه المرجو من حضرتكم النصيحة لي ولزوجتي في هذا الأمر بما يرضي الله ورسوله]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم على الرجل حلق لحيته، وتقصيرها؛ للأدلة الآمرة بإعفائها.
وينظر: جواب السؤال رقم (١١٠٤٦٢) .
والواجب على المؤمن أن يسلّم ويذعن لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يكون في نفسه حرج أو ضيق من ذلك، كما قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/٦٥
وقال جل وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/٣٦
وقد أحسنت في إعفائك للحيتك، ونحمد الله أن وفقك وهداك لذلك.
ونصيحتنا لزوجتك الكريمة أن تتقبل هذا الأمر براحة نفس وانشراح صدر، وأن تعلم أن امتثال أمر الشرع فيه الخير والفلاح والنجاح، وأن من أطلق لحيته فهو متشبه بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء قبله، وبالصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل الخير والفضل، فإن حلق اللحية لم يعرف إلا في الأزمنة المتأخرة جدا.
وإن مما يعينها على قبول هذا الأمر أن تعلم أن الله يبتلي عباده بما شاء من السراء والضراء كما قال: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء/٣٥، فإن كانت تنفر من اللحية، أولا يعجبها مظهر زوجها بها: فلتصبر على ذلك، وهي مأجورة إن شاء الله، وحسبها أن زوجها إنما أراد طاعة ربه وامتثال أمره.
وأما طلب الطلاق فإنه لا يحل إلا عند وجود سبب معتبر؛ لما روى أبو داود (٢٢٢٦) والترمذي (١١٨٧) وابن ماجه (٢٠٥٥) عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وهذا الوعيد الشديد ينبغي أن تخافه كل مؤمنة، وأن يكون رادعا لها عن طلب الطلاق من غير ضرورة.
ونوصيكما بحسن العشرة، ومراعاة الرحم، وكثرة الدعاء، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
نسأل الله أن يصلح حالكما، ويوفقكما لكل خير وبر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب