حكم الجهاد للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[مهم جدا حيرني ما هو حكم الجهاد للمرأة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الجهاد غير واجب على المرأة، قال ابن قدامة رحمه الله: (ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط ; الإسلام , والبلوغ , والعقل , والحرية , والذكورية , والسلامة من الضرر , ووجود النفقة. فأما الإسلام والبلوغ والعقل , فهي شروط لوجوب سائر الفروع , ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد , والمجنون لا يتأتى منه الجهاد والصبي ضعيف البنية , وقد روى ابن عمر , قال: {عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة , فلم يجزني في المقاتلة} . متفق عليه. ......وأما الذكورية فتشترط ; لما روت عائشة , قالت {: يا رسول الله , هل على النساء جهاد؟ فقال: جهاد لا قتال فيه ; الحج , والعمرة} . ولأنها ليست من أهل القتال ; لضعفها..) انتهى من المغني ٩/١٦٣
وحديث عائشة رضي الله عنها رواه أحمد (٢٥٣٦١) وابن ماجه (٢٩٠١) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
وهل تخرج المرأة لمساعدة المجاهدين ومداواة الجرحى؟
قال السرخسي في شرح السير الكبير (١/١٨٤) : (باب قتال النساء مع الرجال وشهودهن الحرب. قال: لا يعجبنا أن يقاتل النساء مع الرجال في الحرب ; لأنه ليس للمرأة بنية صالحة للقتال , كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:" هاه , ما كانت هذه تقاتل". وربما يكون في قتالها كشف عورة المسلمين , فيفرح به المشركون وربما يكون ذلك سببا لجرأة المشركين على المسلمين , ويستدلون به على ضعف المسلمين فيقولون: احتاجوا إلى الاستعانة بالنساء على قتالنا , فليتحرز عن هذا , ولهذا المعنى لا يستحب لهم مباشرة القتال , إلا أن يضطر المسلمون إلى ذلك , فإنّ دفع فتنة المشركين عند تحقق الضرورة بما يقدر عليه المسلمون جائز بل واجب. واستدل عليه بقصة حنين.
وفي أواخر تلك القصة: " قالت أم سليم بنت ملحان , وكانت يومئذ تقاتل شادة على بطنها بثوب: يا رسول الله أرأيت هؤلاء الذين فروا منك وخذلوك , فلا تعف عنهم إن أمكنك الله منهم , فقال صلى الله عليه وسلم: يا أم سليم عافية الله أوسع , فأعادت ذلك ثلاث مرات , وفي كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: عافية الله أوسع ". وفي المغازي أنها قالت: ألا نقاتل يا رسول الله هؤلاء الفرارين فنقتلهم كما قاتلنا المشركين؟ فقال صلى الله عليه وسلم: عافية الله أوسع. وأية حاجة إلى قتال النساء أشد من هذه الحاجة حين فروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموه , وفي هذا بيان أنه لا بأس بقتالهن عند الضرورة ; لأن الرسول لم يمنعها في تلك الحالة , ولم ينقل أنه أذن للنساء في القتال في غير تلك الحالة.
قال: ولا بأس بأن يحضر منهن الحرب العجوز الكبيرة فتداوي الجرحى , وتسقي الماء , وتطبخ للغزاة إذا احتاجوا إلى ذلك , لحديث عبد الله بن قرط الأزدي قال: كانت نساء خالد بن الوليد ونساء أصحابه مشمرات , يحملن الماء للمجاهدين يرتجزن , وهو يقاتل الروم , والمراد العجائز , فالشواب يمنعن عن الخروج لخوف الفتنة , والحاجة ترتفع بخروج العجائز. وذكر عن أم مطاع , وكانت شهدت خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم قالت: رأيت أسلم (وهي قبيلة من قبائل العرب) حيث شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلقون من شدة الحال فندبهم إلى الجهاد فنهضوا. ولقد رأيت أسلم أول من انتهى إلى الحصن فما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى فتحه الله علينا.
ففي هذا بيان أنها كانت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يمنعها من ذلك فعرفنا أنه لا بأس للعجوز أن تخرج لإعانة المجاهدين بما يليق بها من العمل والله الموفق) انتهى.
وقال في كشاف القناع (٣/٦٢) : ((و) يمنع (نساء) للافتتان بهن , مع أنهن لسن من أهل القتال , لاستيلاء الخور (أي الضعف) والجبن عليهن ; ولأنه لا يؤمن ظفر العدو بهن , فيستحلون منهن ما حرم الله تعالى قال بعضهم: (إلا امرأة الأمير لحاجته) لفعله صلى الله عليه وسلم. (و) إلا امرأة (طاعنة في السن لمصلحة فقط كسقي الماء ومعالجة الجرحى) لقول الربيع بنت معوذ: " كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي الماء ونخدمهم , ونرد الجرحى , والقتلى إلى المدينة " رواه البخاري وعن أنس معناه رواه مسلم ; ولأن الرجال يشتغلون بالحرب عن ذلك , فيكون معونة للمسلمين وتوفيرا في المقاتلة) .
وهذا كله ما لم يتعين الجهاد بأن دهم العدو بلد المسلمين، فإنه يجب الجهاد على كل قادر رجلاً كان أم امرأة، فتخرج المرأة بغير إذن زوجها، قال الكاساني الحنفي رحمه الله: (فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد , فهو فرض عين يفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه ; لقوله سبحانه وتعالى (انفروا خفافا وثقالا) قيل: نزلت في النفير. وقوله سبحانه وتعالى (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) ....) انتهى من بدائع الصنائع ٧/٩٨.
وجاء نحو هذا في الشرح الصغير من كتب المالكية (٢/٢٧٤) : أن الجهاد إذا تعيّن بأن هجم العدو على بلاد المسلمين فإنه يجب على كلّ قادر عليه من الرجال والنساء.
وخلاصة الجواب:
أن الجهاد لا يجب على المرأة في الأصل، إلا نه عند الضرورة، كما لو هجم الكفار على بلاد المسلمين فإنه يجب عليها الجهاد، وحينئذ عل حسب قدرتها واستطاعتها، فإن كانت غير مستطيعة فلا يجب عليها لقول الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا) سورة البقرة/٢٨٦
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب