للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجب كفارة القتل الخطأ على الفور متى تمكن منها

[السُّؤَالُ]

ـ[علِيّ كفارة قتل خطأ وهي صيام شهرين وأخرته ولم أصمها، هل يجوز تأخير هذا الصيام مع القدرة عليه لحين فصل الشتاء؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

اختلف العلماء في الكفارة، هل تجب على الفور، أم يجوز تأخيرها:

فذهب بعضهم إلى أنها تجب على الفور على المتعدي، وتجب على التراخي على المعذور ـ ككفارة القتل الخطأ ـ.

قال النووي رحمه الله:

"وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ خَطَأً وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ , فَهِيَ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ" انتهى.

"المجموع" (٣/٧٤-٧٥) .

وذهب آخرون من العلماء إلى أن الكفارة يجب إخراجها على الفور، ولا يجوز تأخيرها إلا بعذر، بناء على أن ما أمر الله به، أو أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب تنفيذه فوراً، ولا يجوز تأخيره.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:

" كفارة القتل الخطأ تجب على الفور، فإن كان من وجب عليه الصيام ضعيفاً ضعفاً يمنعه من الصيام بحيث لا يتضرر به، فيبقى الصيام ثابتاً في ذمته فمتى قدر عليه فعله، لعموم قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) . ولقوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) . وإن كان من وجب عليه كبيراً فإن الصيام يسقط عنه ...

ثم قال: إذا كان قادراً على الصيام في غير الوقت الذي وجب عليه فيه فهل يجوز له تأخيره إلى وقت الشتاء؟

والجواب: إذا كان لا يستطيعه في وقت ويستطيعه في وقت آخر فلا مانع من تأخيره إلى وقت الاستطاعة، لعموم قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) . وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) " انتهى باختصار.

"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (١١/٣٧١ – ٣٧٢) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"الأدلة الشرعية قد دلت على أن الأوامر على الفور إلا ما نص الشرع على التوسيع فيه، وذلك أبلغ في الامتثال، وأبعد من خطر الترك أو النسيان" انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٧/١٧٥) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من وجب عليه صيام كفارة، وأحب أن يؤخره إلى الشتاء فما الحكم لو مات قبل ذلك؟

فأجاب: "إن الإنسان إذا وجب عليه صيام كفارة وجب أن يبادر بذلك، لأن الواجبات على الفور، ولكن إذا كان يشق عليه أن يصوم الكفارة في أيام الصيف لطول النهار وشدة الحر فلا حرج عليه أن يؤجل ذلك إلى وقت البرد، وإذا توفي قبل ذلك فليس عليه إثم، لأنه أخره لعذر، لكن يصوم عنه وليه، فإن لم يصم عنه أحد أُطعم من تركته عن كل يوم مسكين" انتهى.

"فتاوى ابن عثيمين" (١٩/٣٧١) .

وقال الشيخ رحمه الله أيضاً:

"الكفارات تجب على الفور، إلا ما نص الشرع فيها على التراخي" انتهى.

"الشرح الممتع" (٧/٥٣) .

وسئل الشيخ الفوزان عن تأخير كفارة القتل الخطأ:

فأجاب:

"الكفارة تكون على القاتل. والكفارة تتكون من خصلتين، الأولى: عتق الرقبة إذا كان يستطيع وإذا وجد رقبة ويستطيع إعتاقها وجب عليه ذلك ولا يجزيه غيرها، فإن لم يجد رقبة أو كانت الرقبة موجودة ولكن لا يستطيع اقتصاديًا إعتاقها فإنه يصوم شهرين متتابعين وليس هناك شيء ثالث في هذه الكفارة. إنما هي الإعتاق فمن لم يستطع الإعتاق فإنه يصوم شهرين فيلزمك صيام شهرين متتابعين إذا لم تستطع الإعتاق وقد استقرّ ذلك في ذمتك ويجب عليك المبادرة بأدائها مهما أمكنك ذلك ومهما واتت الظروف وحتى وأنت في العمل، فالعمل لا يمنع من الصيام لأن تأخير هذا الواجب في ذمّتك يخشى أن يعرض لك عوارض فتبقى هذه الكفارة في ذمتك وتثقل كاهلك، والواجب عليك الإسراع بتفريغ ذمتك وإبرائها من هذا الواجب العظيم" انتهى.

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (٧٤/١) .

وعلى هذا؛ فما دمت تستطيع الصيام الآن وجب عليك الصيام ولا يجوز تأخيره إلى الشتاء.

ونسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته، ويتقبل منك.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>