بعض الأحكام الخاصة بالبالغين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخ عمره ١٥ سنة وأريد منكم أن تكتب له رسالة وتفهمه الأحكام الشرعية التي تتعلق بهذه الفترة من عمره من حيث البلوغ والطهارة والاحتلام وغيره من أمور الرجال وكل شيء يتعلق بسنه لأني أشك أنه فاهم وأخاف أن تكون صلاته بغير طهارة، وكذلك بعض النصائح له وأرجو منكم الدعاء بأن يسخر الله له الصديق النافع وجزاكم خير الجزاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أخاك وجميع شباب المسلمين، وأن يلهمهم رشدهم ويشرح صدورهم وييسر أمورهم.
مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته كلها، حيث إن للإنسان فيها تغيرات جسمية وعقلية وعاطفية وجنسية، والشيطان حريص على إغوائه في هذه المرحلة بصورة كبيرة.
ومن خلال اطلاعنا على ما قاله المختصون في التربية في هذا الجانب وجدناهم ينصحون بما يلي:
- الحرص على ربط الفتى بصحبة صالحة، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، والصاحب ساحب، وكما قيل:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
فليبحث عن الشباب المستقيم المتمسك بالدين لينخرط فيهم، ويعبد الله معهم، ويشهد معهم صلاة الجماعة، ويطلب معهم العلم النافع.
نسأل الله تعالى أن يوفق أخاك للصحبة الصالحة التي تعينه على الخير وتحضه عليه.
-الحرص على شغل وقته بالنافع والمفيد من أمور الدين والدنيا، ولا يترك فارغا فإنه من أعظم المفسدات في هذه المرحلة، كإشراكه في أي نشاط جماعيٍ هادفٍ حولكم، حيث يستُفيد ويفيد.
- المبادرة والإسراع بتزويجه إذا تيسر ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (٥٠٦٦) ومسلم (٣٤٦٤) .
- كثرة الدعاء له بالخير والتوفيق والسداد.
- حثه على فعل الطاعات، والبعد عن المحرمات والمشتبهات والمكروهات.
- عدم تمكينه من استخدام الوسائل الحديثة المتاحة بطريقة غير صحيحة، وإبعاده عنها إلا فيما لابد منه، فلا يسمح له مثلا بتصفح الإنترنت في مكان معزول عن أهل البيت، كغرفة مغلقة، والوسيلة في ذلك أن يوضع الجهاز في مكان عام في البيت بحيث لا ينفرد الولد بمشاهدة ما لا يحسن مشاهدته.
هذه بعض التوجيهات المفيدة في هذا الجانب.
أما عن الواجبات الشرعية التي تجب على من بلغ الحلم، فلا يمكن ذكرها بالتفصيل في فتوى أو جواب، لكننا نشير إلى أهم تلك الواجبات ثم نحيل السائل إلى بعض الكتب التي يمكنه أن يستفيد منها في هذا المجال فنقول:
أولاً: يثبت بالبلوغ في حق البالغ الالتزام بجميع أحكام الشرع، وذلك بفعل المأمورات واجتناب المنهيات، فيجب عليه فعل الصلاة وصيام رمضان وإيتاء الزكاة إن كان من أهلها، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا.
وبما أن الصلاة لا تصح إلا بالطهارة؛ فالواجب على من بلغ سن التكليف أن يتعلم أحكامها كذلك، وذلك لقول الله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة/٦.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ) قَالَ رَجُلٌ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ. رواه البخاري (١٣٥) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ) رواه مسلم (٥٥٧) .
وقد مضى بيان صفة الوضوء في السؤال رقم (١١٤٩٧) ، وكذلك أحكام الغسل من الجنابة في السؤال رقم (١٠٧٩٠) ورقم (٢٦٤٨) .
أما نواقض الوضوء فيراجع فيها السؤال رقم (١٤٣٢١) ورقم (١١٥٩١) .
ومما يطرأ على المرء بالبلوغ نبات الشعر الخشن حول العانة وتحت الإبطين، ومما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما: نتف الإبط وحلق العانة، وقد مضى بيان ذلك في السؤال رقم (٢٦٢٦٦) ورقم (٩٠٣٧) ورقم (١١٧٧) .
ثانياً: إذا وجب على المكلف شيئا؛ وجب عليه تعلم أحكامه، لأنه لا يمكن للمرء أن يمتثل أمراً إلا بعد فهمه ومعرفة أحكامه.
قال القرافي في "أنوار البروق" (٢/١٤٨) : "حكى الغزالي الإجماع في إحياء علوم الدين والشافعي في رسالته حكاه أيضا في أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه , فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع , ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض , ومن صلى وجب عليه أيتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال فمن تعلم وعمل بمقتضى ما علم أطاع الله تعالى طاعتين , ومن لم يعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين , ومن علم ولم يعمل بمقتضى علمه فقد أطاع الله تعالى طاعة وعصاه معصية " انتهى.
وتعلم التكاليف الشرعية سهل ميسور لمن يسره الله له، فليجتهد الإنسان في تعلم العلم النافع، والعمل به، وليسأل ربه التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب