للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل الرجل الصالح لا يتزوج إلا امرأة صالحة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[سمعت أن كل إنسان يأخذ من يستحق (زوج أو زوجة) فإن كان صالحاً كان زوجه صالحاً ولم أجد أي حديث عن هذا الموضوع فما قولكم في ذلك؟

سمعت أيضاً أنه إذا زنى المرء فإنه يعاقب بأن إحدى نساء قرابته ترتكب الزنا فهل هذا صحيح؟

كثير من الشباب المسلم يبحث عن شريك في الحرام فهل أخبرهم أن التقي ينال تقياً إلا إذا ابتلاه الله.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

ما سمعتَه من أن الإنسان يتزوج من يستحق ويشابهه في الصلاح والفساد غير صحيح، ويدل على ذلك:

١- ما حكاه الله تعالى عن نبيين كريمين من أنبيائه وهما نوح ولوط عليهما السلام أن زوجتيهما كانتا كافرتين، قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم/١٠.

٢- أن الشرع نهى عن تزويج الزاني من العفيفة، ونهى العفيف عن التزوج من زانية، وهو يدل على إمكان وقوع ذلك، بل قد وقع مثل هذا كثيراً.

قال الله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النور / ٣.

٣- إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة قد تُزوج لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، وترغيبه صلى الله عليه وسلم بالتزوج من ذات الدين يدل أنه قد يقع غيره، فيتزوج الرجل ممن لا يماثله.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ".

رواه البخاري (٤٨٠٢) ومسلم (١٤٦٦) .

٤- أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء بتزويج مولياتهم من أهل الدين يدل على أنه قد يقع خلافه.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ".

رواه الترمذي (١٠٨٤) وابن ماجه (١٩٦٧) . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٠٢٢) .

فعلى من يبحث عن زوجة أن يبحث عن صاحبة الدين والخلق، وكذلك على أولياء المرأة أن لا يزوجوها إلا من صاحب الدين. فإن الإنسان يكتسب من أخلاق من يصاحبه، لا سيما مع طول الصحبة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه الترمذي (٢٣٧٨) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (١٩٣٧) .

(الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ) أَيْ عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ (فَلْيُنْظَرْ) أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلْيَتَدَبَّرْ (مَنْ يُخَالِلْ) مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ وَالإِخَاءُ , فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لا تَجَنُّبُهُ , فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا ; لأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالاقْتِدَاءِ بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي اهـ من تحفة ألأحوذي.

ثانياً:

أما بالنسبة للزاني فإنه قد يعاقب في أهله، وقد روي في ذلك حديث لكنه موضوع، وقد يصح معناه، وقد ذكرناه مع التعليق عليه في جواب السؤال رقم (٢٢٧٦٩) فليراجع.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>