للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سيسافر من بلدة إلى أخرى ويعود في نفس اليوم فهل له الفطر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[سوف أسافر من أمستردام إلى باريس وأعود في نفس اليوم، هل يجوز لي أن أفطر في ذلك اليوم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

المسافر من الذين رخَّص الله لهم الفطر في رمضان، قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/١٨٥.

ولا فرق بين أن يكون السفر شاقاً أو سهلاً.

وقد اختلف العلماء في الحد الذي يصير به الإنسان مسافرا بحيث يجوز له الترخص برخص السفر، ومنها: الفطر للصائم.

فذهب جمهور العلماء إلى اعتبار المسافة، وهي ما يقارب ٨٠ كم.

وذهب آخرون ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ إلى أن المعتبر هو العرف، وليس المسافة.

فكل ما اعتبره الناس في العرف سفرا فهو سفر تثبت له أحكام السفر في الشرع.

ولا ريب أن السفر من أمستردام إلى باريس يعتبره الناس في العرف سفراً، ولو عاد في نفس اليوم.

قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (٤/٢٥٧) في الرجل يخرج مسافة طويلة في مدة قصيرة، قال: " مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمن ذهب مثلا من القصيم إلى جدة في يومه ورجع، فهذا يسمى سفرا، لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون " انتهى.

والمسافة بين القصيم وجدة (٩٠٠) كم تقريبا.

وعلى هذا، من سافر من أمستردام إلى باريس وعاد في نفس اليوم فهو مسافر على القولين جميعا , أي سواء اعتبرنا المسافة أم العرف.

وهل الأفضل له أن يصوم أو يفطر؟

الجواب:

الأفضل له الصيام إلا إذا وجد مشقة فالأفضل الفطر.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" الأفضل للمسافر أن يصوم إلا إذا وجد مشقة فإنه يفطر، والدليل على أن الأفضل أن يصوم:

أولاً: أنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرٍّ شديدٍ حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. رواه مسلم.

ثانياً: ولأنه إذا صام كان أيسر عليه؛ لأن القضاء يكون على الإنسان أصعب - غالباً - من الأداء في وقته؛ لأنه إذا صام في رمضان صار موافقاً للناس في صيامهم، فيكون ذلك أسهل عليه، والله عز وجل حينما فرض على عباده الصيام قال: (يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ) .

ثالثاً: ولأنه إذا صام رمضان في السفر كان أسرع في إبراء ذمته، إذ إن الإنسان لا يدري ماذا يعتريه بعد رمضان، فيكون صومه أسرع في إبراء الذمة.

وهناك فائدة رابعة: وهي أنه إذا صام في رمضان فقد صام في الوقت الفاضل - وهو رمضان -.

ولكن مع المشقة لا يصوم وهو مسافر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم، قال: (لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ) قال ذلك لمن يصوم في السفر وقد شق عليه، ولهذا لما نزل منزلاً ذات يوم سقط الصوَّام لأنهم متعبون، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ) رواه مسلم.

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (١٩/السؤال رقم ١١٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>