للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل السرقة تمنع من الميراث؟

[السُّؤَالُ]

ـ[فتاة فرت من والدتها (الأرملة) بعد أن أخذت أموالها ومقتنياتها. لقد تربت المذكورة تربية غير إسلامية وكانت لا تطيع والدتها.

الوالدة تريد قطع جميع الأمور المتعلقة بابنتها تماما. فهل لا يزال للمذكورة حق في الإرث؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً: موانع الإرث ثلاثة:

١- القتل، فالقاتل لا يرث من المقتول شيئاً؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْقَاتِلُ لا يَرِثُ " رواه الترمذي (٢١٠٩) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (١٧١٣)

وقال الترمذي: " ... وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَاتِلَ لا يَرِثُ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ "

٢- اختلاف الدين، فلا يرث المسلم من الكافر، ولا الكافر من المسلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يرث المسلم من الكافر والكافر من المسلم " رواه البخاري (٦٧٦٤) ومسلم (١٦١٤) .

٣- الرق، فلو كان الأب رقيقاً والابن حرّاً فلا توارث بينهما؛ لأن الرقيق لا يملك شيئاً وماله لسيده، فلو ورث الرقيق لذهب المال إلى السيد وهو أجنبي.

انظر كتاب " التحقيقات المرضية " للفوزان (ص٤٥) .

وبناءً عليه فالسارق لا يُمنع من الميراث، لكنه يُطالب بإعادة ما سرق. وإذا لم يُعده فإنه تحسب قيمة المسروق بالتقريب وتُجعل من ضمن الميراث ثم يقسم فإن بقي شيء خلاف ما سرقه أعطي إليه وإلا فلا يُعطى شيئاً، ويبقى عليه إثم السرقة والعقوق.

ثانياً:

مثل هذا هو ما يجني الوالدان غالباً من ثمار تفريطهما في تربية أولادهما في دنياهم قبل أن يحاسبهم الله يوم القيامة، وقد جعل الله تعالى الأب والأم مسئوليْن عن أولادهما عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته " رواه البخاري (٨٥٣) ومسلم (١٨٢٩) ، وأمرهما أن يقيا أنفسهما وأبناءهما النار فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم / ٦، وما نراه الآن من عقوقٍ من الأبناء إنما هو بعض ثمار التفريط في التربية الإسلاميَّة الحقَّة للأبناء، فيتربى الأبناء تربية بعيدة عن أحكام الشرع فلا يعرف حقَّ أبويه فضلا عن حق الله تعالى، فكيف يرجو الآباء والأمهات صلاح الأبناء وقد ابتعدوا بهم عن الصراط السوي في التربية والعناية؟!

وأما من لم يقصِّر في العناية والتربية الإسلاميَّة الحقة، ثم لم يكن أبناؤه على هداية فإنما هو ابتلاء يبتلي الله تعالى به الآباء والأمهات، ومن فرَّط فإن ذلك يكون من باب العقوبة.

ثالثاً:

قطع جميع الأمور المتعلقة بالبنت قد لا يكون سبيلاً دائما للإصلاح، بل هو أقرب إلى الانتقام والعقوبة والتي تثمر نتائج سيئة بعكس ما يتصور الفاعل، فإن بقاء البنت بجانب أهلها خير بكثير من فرارها أو طردها خارج البيت، لأن الفساد المترتب على خروج البنت من بيت أهلها أعظم بكثير من الفساد الذي يمكن أن يكون منها وهي عند أهلها.

لذا لم يشرع الهجر في ديننا لذاته، بل لما يؤدي إليه من إصلاح، فإن أدَّى إلى فسادٍ أعظم لم يشرع.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>