ـ[هل طاعة الوالدين تجب في كل شيء، إذا أمراني بترك النافلة كصيام تطوع أو صلاة النافلة فهل طاعتهم واجبة؟ فقد عزمت على أن أحج عن جدتي لأمي فرفض والدي وقال: أولادها أحق بها فهل تلزمني طاعته في هذا الأمر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" طاعة الوالدين تجب في كل ما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليك به، فأما إذا أمراك بترك النوافل نظرنا؛ إذا كانا يحتاجان إلى عمل لا تقوم به إذا كنت منشغلاً بهذه النافلة فأطعهما، مثل أن يقول لك أبوك: يا فلان، انتظر الضيوف، ولا تصل النافلة، فهنا يجب عليك أن تطيعه لأن هذا لغرضٍ له، وأما إذا قال: لا تصل الضحى، لأنه يكره مثل هذه الأمور، يكره النوافل لأنه ليس عنده إيمان قوي، فلا تطعه، ولكن دارِهِ ما استطعت، بمعنى أن تخفي عنه ما تفعله من الخير.
فنقول للسائل: حج عنها، وإذا قال لك أبوك: لا تحج. فقل: لا بأس، وحج، وليس في هذا كذب إذا كنت تستطيع التأويل، والتأويل معناه: أن تقول له: لا أحج، يعني العام القادم، لأن هذا الأب يأمر بقطيعة الرحم، أو هو جاهل، فقل: نعم، لا أحج عنها إرضاء لك، وتنوي لا أحج عنها في العام القادم. لأنك سوف تحج هذا العام، ومثل ذلك بعض الأمهات إذا رأت العلاقة بين ابنها وزوجته طيبة، قالت: يا ولدي إما أنا وإما هي، ليطلقها، كذلك الأب ربما يكون معه سوء تفاهم من الزوجة يقول طلقها. فلا يطلقها. وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فقال: إن أبي أمرني أن أطلق امرأتي وأنا أحبها. قال: لا تطلقها. فقال السائل: إن ابن عمر لما أمره أبوه عمر رضي الله عنه أن يطلق زوجته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلق زوجتك، فأمر عبد الله بن عمر أن يطيع والده في تطليق زوجته، فقال له الإمام أحمد قولاً سديداً: وهل أبوك عمر؟! وهذه الكلمة لها معنى، لأن عمر رضي الله عنه لم يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا أنه رأى سبباً شرعياً يقتضي ذلك، لكن أباك لعله لحاجة شخصية بينه وبين المرأة " انتهى بتصرف يسير.