مسح ثلاثة أيام وهو مقيم فهل يعيد صلاة يومين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد توضأت ولمدة ثلاثة أيام متواصلة وأنا أرتدي الجوارب نفسها دون أن أخلعها خلال الثلاثة أيام مع العلم أن مدة المسح على الجوارب هي يوم وليلة للمقيم؟ هل صلاتي في اليومين الثاني والثالث صحيحة أم يتوجب علي إعادتها لمخالفة المدة المسموح بها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
دلت السنة الصحيحة على أن مدة المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، والمسح على الجورب كالمسح على الخفين.
روى مسلم (٢٧٦) عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: (جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ) .
وروى الترمذي (٩٥) وأبو داود (١٥٧) وابن ماجه (٥٥٣) عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: (لِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةٌ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى الترمذي (٩٦) والنسائي (١٢٧) وابن ماجه (٤٧٨) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ) والحديث حسنه الألباني.
ثانيا:
والراجح من أقوال الفقهاء في ابتداء المدة أنها من أول مسحة بعد الحدث، لا من اللبس، ولا من الحدث بعد اللبس، فلو توضأ لصلاة الفجر، ولبس الخفين، ثم أحدث في التاسعة صباحا ولم يتوضأ، ثم توضأ في الساعة الثانية عشرة، فالمدة تبدأ من الثانية عشرة، وتستمر يوما وليلة، أي أربعا وعشرين ساعة.
قال النووي رحمه الله: " وقال الأوزاعي وأبو ثور: ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد وداود، وهو المختار الراجح دليلا، واختاره ابن المنذر، وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " انتهى من المجموع" (١/٥١٢) .
وهذا ما رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وقال: " لأن الأحاديث: (يمسح المقيم) ، (يمسح المسافر) ولا يمكن أن يصدق عليه أنه ماسح إلا بفعل المسح وهذا هو الصحيح ". "الشرح الممتع" (١/١٨٦) .
ثالثا:
اختار جمع من أهل العلم، منهم ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله أن الطهارة لا تنتقض بانتهاء مدة المسح، لعدم الدليل على ذلك، وإنما تنتقض الطهارة بالنواقض المعروفة كخروج الحدث. "المحلى ٢/١٥١، الاختيارات الفقهية ص ١٥، الشرح الممتع ١/٢١٦".
وعليه: فمن كان على طهارة، وانقضت مدة المسح قبل صلاة الظهر، فله أن يصلي الظهر وما بعده بطهارته السابقة، إلى أن ينتقض وضوؤه.
وبناء على جميع ما سبق:
فإن انقضت مدة المسح وأنت على غير طهارة، فالواجب عليك إعادة جميع الصلوات التي صليتها بعد انقضاء المدة ولم تغسل فيها رجليك.
وإن انقضت المدة وأنت على طهارة، فالواجب عليك إعادة الصلوات من أول ما انتقض وضوؤك بعد انقضاء المدة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب