للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكمة في كون التيمم على عضوين

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي الحكمة في كون التيمم على عضوين؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قال ابن القيم رحمه الله:

وأما كونه - أي: التيمم - في عضوين ففي غاية الموافقة للقياس والحكمة؛ فإن وضع التراب على الرءوس مكروه في العادات، وإنما يفعل عند المصائب والنوائب، والرِّجلان محل ملابسة التراب في أغلب الأحوال، وفي تتريب الوجه من الخضوع والتعظيم لله والذل له والانكسار لله ما هو من أحب العبادات إليه وأنفعها للعبد، ولذلك يستحب للساجد أن يُترِّب وجهه لله، وأن لا يقصد وقاية وجهه من التراب كما قال بعض الصحابة لمن رآه قد سجد وجعل بينه وبين التراب وقاية فقال: " ترِّب وجهك "، وهذا المعنى لا يوجد في تتريب الرِّجلين.

وأيضاً فموافقة ذلك للقياس من وجهٍ آخر: وهو أن التيمم جُعل في العضوين المغسولين، وسقط عن العضوين الممسوحين، فإن الرِّجلين تُمسحان في الخف، والرأس في العمامة، فلمَّا خُفِّف عن المغسوليْن بالمسح خُفِّف عن الممسوحيْن بالعفو، إذ لو مُسحا بالتراب لم يكن فيه تخفيفٌ عنهما، بل كان فيه انتقالٌ من مسحهما بالماء إلى مسحهما بالتراب، فظهر أن الذي جاءت به الشريعة هو أعدل الأمور وأكملها، وهو الميزان الصحيح.

وأما كون تيمم الجنب كتيمم المحدِث فلمَّا سَقط مسح الرأس والرجلين بالتراب عن المحدِث سقط مسح البدن كله بالتراب عنه بطريق الأولى، إذ في ذلك من المشقة والحرج والعسر ما يناقض رخصة التيمم، ويدخل أكرم المخلوقات على الله في شبه البهائم إذا تمرغ في التراب، فالذي جاءت به الشريعة لا مزيد في الحسن والحكمة والعدل عليه، ولله الحمد.

[الْمَصْدَرُ]

" أعلام الموقعين " (١ / ٣٠١، ٣٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>