للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[نصيحة: الابتعاد عن تزويق البيوت]

شاع في بيوت كثير من الناس اليوم أنواع التزويق والتزيين والزخرفة نتيجة الانغماس في الملذات، والتعلق بالدنيا، والتباهي والتفاخر.

وبعض البيوت إذا دخلتها تتذكر كلام ابن عباس: (ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء) ، ولا نستطيع في هذه العجالة أن نستطرد في ذكر أنواع العجائب والغرائب، من التحف والزينات والنقوش والزخارف، التي تزخرف بها بعض البيوت والقصور، ولكننا نذّكر بما يلي:

قال تعالى: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكون وزخرفاً..) الزخرف/٣٣.

أي (لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لأجل المال) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٧/٢١٣. لجعلنا لبيوت الكفار سقفاً وسلالم وأقفالاً على الأبواب من فضة وذهب من متاع الحياة الفانية، ليوافوا الله وليس عندهم حسنة، لأنهم أخذوا نصيبهم من الدنيا.

روى الإمام مسلم - رحمه الله - عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزاة فأخذت نمطاً (بساط له خمل) فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: (إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين) صحيح مسلم ٣/١٦٦٦

روى الإمام أحمد قصة فاطمة لما قالت لعلي رضي الله عنهما (وقد صنعوا طعاماً) لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فوضع يديه على عضادتي الباب فرأى قراماً (ثوب رقيق من صوف فيه ألوان ونقوش) فرجع، فقالت فاطمة لعلي: ألحقه فقل له لم رجعت يا رسول الله؟ فقال: (إنه ليس لي (وفي رواية: لنبي أن يدخل) أن أدخل بيتاً مزوقاً) رواه الإمام أحمد ٥/٢٢١ وهو في صحيح الجامع ٢٤١١.

ورواه أبو داود تحت باب: الرجل يُدعى فيرى مكروهاً سنن أبي داود ٣٧٥٥.

وتحت باب: هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة، روى البخاري رحمه الله تعليقاً: ودعى ابن عمر أبا أيوب، فرأى في البيت ستراً على الجدار، فقال ابن عمر: (غلبنا عليه النساء) ، فقال: (من كنت أخشى عليه، فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لكم طعاماً) فرجع فتح الباري ٩/٢٤٩

وقد وصل الحديث الإمام أحمد عن سالم بن عبد بن عمر قال: (أعرست في عهد أبي، فآذن أبي الناس، فكان أبو أيوب فيمن آذناه، وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر، فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه، فقال: يا عبد الله أتسترون الجدر، فقال أبي واستحيا: غلبنا النساء يا أبا أيوب، فقال: من خشيت أن تغلبه النساء...) الحديث فتح الباري.

روى الطبراني عن أبي جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة، فأنتم اليوم خير من يومئذ) صحيح الجامع ٣٦١٤

وخلاصة كلام أهل العلم في زخرفة وتزويق البيوت: أنه إما مكروه أو محرم الآداب الشرعية لابن مفلح ٣/٤٢١

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>