للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوصى الأب بسيارة لأحد أبنائه

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي والدي وترك الوالدة و٦ أشقاء فقط، وكان مما لديه سيارة قيمتها خمسة وعشرون ألف ريال، وكان قد نقلها لاسم أخينا الأكبر في حياته من أجل أن يبيعها له ليتصرف في قيمتها، وهذا ما أخبرنا به الوالد قبل وفاته. والآن بعد وفاته أفاد هذا الأخ الأكبر أن الوالد أوصاه وقال له أن تكون السيارة باسم أخ لنا آخر دون البقية فهل هذا جائز؟ أم لا وصية لوارث؟ وأيضا إن كانت هبة فهل يجوز أن يهب أحد أبنائه ما قيمته غالية دون البقية؟ علما أننا جميعا كنا نساعده في المصروف الشهري بشكل متساوٍ؟ علما أيضا أن السيارة لم تنقل إلى ذمة الموهوب له في حياة الوالد بل كما سبق شرحه مازالت باسم أخينا الأكبر، فما رأيكم الشرعي تفصيلا رحمكم الله؟ هل هذا جائز أم يلحق الوالد إثم في هذا الأمر؟ حيث إن أخانا مصر على أن السيارة له حسب ما قال الوالد. رجاء أيضا نصح أخينا هذا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا كان الوالد قد أوصى بالسيارة بعد وفاته لأخيك، أو وهبها له في حياته، فإنها تكون من جملة التركة، تقسم على جميع الورثة. والوصية للوارث لا تجوز، ولا تنفذ إلا بموافقة بقية الوارثة، فمن أجاز منهم الوصية وكان بالغا راشدا، سقط نصيبه، ومن تمسك بحقه أخذه.

وأما غير الراشد كالصغير، فلا تعتبر موافقته، ولا يجوز أن يُنقص من نصيبه شيء لصالح الموصى له.

والدليل على هذا ما رواه أبو داود (٢٨٧٠) والترمذي (٢١٢٠) والنسائي (٤٦٤١) وابن ماجه (٢٧١٣) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.

وفي إحدى روايات الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٦/٥٨) : "إذا وصى الإنسان لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٦/٣١٧) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى.

وأما إذا كان الوالد وهبها له في حياته، فهي أيضاً هبة غير جائزة، ويجب إرجاعها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب العدل بين الأولاد في الهبة، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم (٢٢١٦٩) .

والنصيحة للموصى له أن يترك المطالبة بهذه الوصية، لأنها خلاف الشرع، ولعله إذا تركها لم يلحق الأب إثم بخصوصها.

فإن أصر على المطالبة فالأمر راجع إلى بقية الورثة، كما سبق.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>