النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أننا لا يجوز أن نصوم قبل رمضان، فهل ذلك صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان، إلا في حالين:
الأولى: من كانت له عادة بالصيام، ومثال من له عادة: أن يكون الرجل اعتاد أن يصوم يوم الاثنين والخميس -مثلاً-، فإنه يصومهما ولو كان ذلك في النصف الثاني من شعبان.
الثانية: إذا وصل النصف الثاني من شعبان بالنصف الأول.
بأن يبتدئ الصيام في النصف الأول من شعبان ويستمر صائما حتى يدخل رمضان، فهذا جائز. يراجع سؤال رقم (١٣٧٢٦) .
فمن هذه الأحاديث:
ما روى البخاري (١٩١٤) مسلم (١٠٨٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) .
وروى أبو داود (٣٢٣٧) والترمذي (٧٣٨) وابن ماجه (١٦٥١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي (٥٩٠) .
قال النووي:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) , فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ , لِمَنْ لَمْ يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله , فَإِنْ لَمْ يَصِلهُ وَلا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام اهـ
وروى الترمذي (٦٨٦) والنسائي (٢١٨٨) عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. راجع سؤال (١٣٧١١) .
قال الحافظ في فتح الباري:
اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم صَوْم يَوْمِ الشَّكِّ لأَنَّ الصَّحَابِيَّ لا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ اهـ
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال بسبب الغيم أو نحوه، وسُمِّي يوم شك لأنه يحتمل أن يكون يوم الثلاثين من شعبان، ويحتمل أن يكون اليوم الأول من رمضان.
فيحرم صيامه إلا لمن وافق عادة صيامه.
قال النووي رحمه الله في المجموع (٦/٤٠٠) عن حكم صيام يوم الشك:
وَأَمَّا إذَا صَامَهُ تَطَوُّعًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ بِأَنْ كَانَ عَادَتُهُ صَوْمَ الدَّهْرِ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ جَازَ صَوْمُهُ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. . . وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ فَصَوْمُهُ حَرَامٌ اهـ بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لحديث: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ..) :
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة؟ والصحيح أنه نهي تحريم، لاسيما اليوم الذي يشك فيه اهـ. شرح رياض الصالحين (٣/٣٩٤) .
وعلى هذا يكون الصيام في النصف الثاني من شعبان على قسمين:
الأول: الصيام من اليوم السادس عشر إلى الثامن والعشرين، فهذا مكروه إلا لمن وافق عادته.
الثاني: صيام يوم الشك، أو قبل رمضان بيوم أو يومين، فهذا حرام إلا لمن وافق عادته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب