للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز استقبال القبر عند الدعاء لصاحبه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز استقبال القبر عند الدعاء لصاحبه؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يجب أن نفرق بين أمرين اثنين مشتبهين:

الأول: القصد إلى القبر وتحري استقباله أثناء دعاء الإنسان لنفسه، تبركا، واعتقادا بقرب ذلك الإجابة: فهذا لا شك من البدع المحدثة، ومن الغلو الذي نهت عنه الشريعة، قد يؤدي إلى الوقوع في الشرك إذا صار الداعي يسأل صاحب القبر أن يقضي له الحاجات.

يقول ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (٢٧/١٦٥) :

" وأما زيارة القبور لأجل الدعاء عندها أو التوسل بها أو الاستشفاع بها فهذا لم تأت به الشريعة أصلا، ولهذا كانت السنة عند الصحابة وأئمة المسلمين إذا سلم العبد على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أن يدعو الله مستقبل القبلة، ولا يدعو مستقبل الحجرة، ولم أعلم الأئمة تنازعوا في أن السنة استقبال القبلة وقت الدعاء، لا استقبال القبر النبوي." انتهى

ويقول أيضا رحمه الله في "اقتضاء الصراط المستقيم" (٣٦٤) :

" ولعل هذا الذي ذكره الأئمة أخذوه من كراهة الصلاة إلى القبر، فإن ذلك قد ثبت النهي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم؛ فلما نهى أن يتخذ القبر مسجدا أو قبلة، أمروا بأن لا يتحرى الدعاء إليه كما لا يصلي إليه. قال مالك في المبسوط: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم ويمضى.

وهذا أصل مستمر، فإنه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يستحب أن يصلي إليه، ألا ترى أن المسلم لما نهى عن الصلاة إلى جهة المشرق وغيرها، فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء، ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها معظمه الصالح، سواء كانت في المشرق أو غيره، وهذا ضلال بين وشرك واضح." انتهى.

والمسلم حين يعبد الله بالدعاء يستحب له أن يتوجه إلى القبلة التي أمرنا بتعظيمها، وليس إلى قبور البشر الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا.

جاء في "كشاف القناع" ـ من كتب الحنابلة ـ (١/٣٦٧) :

" ويستقبل الداعي القبلة لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة " انتهى.

ومثله في حاشية "تحفة المحتاج" ـ من كتب الشافعية ـ (٢/١٠٥) .

ويقول ابن تيمية رحمه الله في "نقض التأسيس" (٢/٤٥٢) :

" إن المسلمين مجمعون على أن القبلة التي يشرع للداعي استقبالها حين الدعاء هي القبلة التي شرع استقبالها حين الصلاة " انتهى.

الثاني:

أما عند زيارة القبر للدعاء للميت والاستغفار له، كما يصنع الناس عند زيارة موتاهم في قبورهم، فلا حرج على من يستقبل القبر في دعائه حينئذ، فإنه لم يفعل ذلك تقصدا لبركة ذلك القبر أو تعظيما لجهته، إنما ليكون أقرب في مكانه من الميت، وأقرب في دعائه منه.

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (١٣/٣٣٨) ما يلي:

هل ينهى عن استقبال القبر حال الدعاء للميت؟

فأجاب رحمه الله:

" لا ينهى عنه؛ بل يدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر بعد الدفن، وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) رواه البخاري.

ولم يقل استقبلوا القبلة، فكله جائز، سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر، والصحابة رضي الله عنهم دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر." انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>