كم مرة يُسمِّي على الأكل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة يقوم الفرد بالتسمية عندما يأكل؟ مثلاً: سميت قبل أكل وجبة الغداء، ثم جلست مع أصدقائي قليلاً، ثم شربنا الشاي، هل أسمي مرة أخرى أم أكتفي بالتسمية الأولى في الغداء؟ إذا كان الجواب نعم، فما هو الوقت الفاصل بين الوجبتين لإعادة التسمية؟ وهل علي أن أذكّر الموجودين بالتسمية في كل مرة؟ حيث أصبح الناس يتضايقون عندما أقول لهم: "هل سميتم أم لا". جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المسلم أن يسمّي الله تعالى عند الأكل؛ لأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك في قوله: (إذَا أكَلَ أحَدُكُم فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تعَالَى، فإنْ نَسِىَ أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ في أوَّلِه وَآخِرِهِ) . أخرجه أبو داود (٣٧٦٧) ، والتّرمذيّ (١٨٥٨) ، وصححه الألباني في "سنن أبو داود".
قال ابن القيّم في زاد المعاد (٢ / ٣٦٢) : "وَالصّحِيحُ: وُجُوبُ التّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ وَلَا مُعَارِضَ لَهَا، وَلَا إجْمَاعَ يُسَوّغُ مُخَالَفَتَهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، وَتَارِكُهَا شَرِيكُهُ الشّيْطَانُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ" انتهى.
وهو الذي رجّحه الشّيخ ابن باز في "الدرر البازية على زاد المعاد" - (١ / ٢٨) ، والشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٦/٤٣٩و١٢/٣٥٧) .
وينظر: جواب السؤال رقم (٦٥٠٣) .
وأما كم مرّة يقوم الفرد بالتّسمية عندما يأكل؟
فالجواب:
أنّ قول الرسول عليه الصّلاة والسّلام في الحديث السّابق: (إذَا أكَلَ أحَدُكُم فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تعَالَى) يدلّ على أنّ التّسمية تكون مرّة واحدة عند الأكل، فلو وُضعت على المائدة أصناف من الطّعام، فإنّ التّسمية الواحدة تكفي؛ لأنّ المطلوب يحصل بالمرّة الواحدة.
أمّا إذا رُفعت، وأُتي بأنواع أخرى فعليك إعادة التّسمية، وهكذا لو جيء بالشّاي بعد الأكل فعليك أن تسمّي الله كذلك؛ لأنّك تريد الشرب والتناول منه.
وكذلك إذا انصرفت وقمت عن المائدة، ثمّ بدا لك العودة إلى الطّعام مرّة أخرى فعليك التّسمية؛ لأنّك تعتبر آكلاً جديداً في هذه المرّة.
وعلى هذا؛ فليس هناك فاصل زمني مؤقّت لإعادة التسمية، وإنّما تعود التّسمية إلى إرادة أكل طعام آخر غير الموضوع على المائدة سابقاً.
وهل لك أن تذكّر الموجودين بالتّسمية؟
فالجواب: نعم، لك ذلك، بل هو السّنّة، ولك الأجر في ذلك؛ لما ثبت عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنهما قال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ) أخرجه البخاريّ برقم (٥٣٧٦) ، ومسلم برقم (٢٠٢٢) .
فذكّره صلّى الله عليه وسلّم بالتّسمية، وفيه دليل على أنّ لك تذكير غيرك بها، وإذا رأيت منهم تضايقاً، فاستعمل الحكمة واللّطف في ذلك، ويمكنك أن تجهر أنت بالتسمية من غير أن تأمرهم بها، حتى يسمعوا.
ولك أن تذكرهم بأنّ التّسمية واجبة على جميع الآكلين، ولا يكفي أن يسمي بعضهم.
قال الشّيخ ابن باز رحمه الله في "الدرر البازية على زاد المعاد" - (١ / ٢٩) : "وهذا هو الصواب، أنّ تسمية غيره لا تكفي عنه، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال لعمرو بن سلمة: (سمّ الله) ، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قد سمّى هو وأصحابه، فلم تكف تسميتهم عنه؛ ولهذا جاء في حديث حذيفة: إنَّا حضرنا مع رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم طعاماً، فجاءت جارية كأنما تُدْفَع، فذهبتْ لتضع يدها في الطعام، فأخذَ رسولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم بيدها، ثمَّ جاء أعرابيّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فأخذ بيده، فقالَ رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وإنَّهُ جَاءَ بِهذِهِ الجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهذَا الأعْرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ لَفِي يَدي مَعَ يَدَيْهِمَا) ، ثم ذكرَ اسمَ اللَّه وأكل، ولو كانت تسمية الواحد تكفي، لما وضع الشيطان يده في ذلك الطّعام" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب