الاقتراض بالربا لشراء منزل للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر ٣٣سنة وأريد إكمال نصف ديني لكني لا أملك سكنا مع العلم أني أعمل والحمد لله. أنا بحاجة ماسة للمال من أجل شراء سكن ولم أجد سبيلا سوى أن ألجأ للبنوك من أجل الحصول على قرض بنكي مع العلم أن بنوكنا تتعامل بالربا أي بفائدة، فهل أقوم باقتناء هذا القرض أم أصبر؟ السؤال الثاني في نفس الموضوع وهو لصديق لي متزوج ويسكن في سكن وظيفي تابع لدولة أي سيأتي زمن ويقوم بتسليم السكن للدولة. السؤال: هل يجوز له اقتراض قرض من أجل شراء سكن يؤوي الزوجة والأولاد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاقتراض بالربا محرم تحريما شديدا، لما جاء في الربا من الوعيد، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/٢٧٨، ٢٧٩.
وروى مسلم (١٥٩٨) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ.
وهذا الاقتراض محرم، ولو كان لشراء منزل للسكنى، وانظر جواب السؤال رقم: (٢١٩١٤) ورقم (٢٢٩٠٥)
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يحرم الربا حيث وجد، وبأي صورة على الطرفين، الطرف المرابي والطرف المقترض، على الإطلاق؟ أم يحرم فقط على الطرف المرابي دون الطرف المقترض، وإن لم يكن هناك جناح ولا وزر على الطرف المقترض فهل هذا مشروط بالحاجة لهذا المال، وعدم الاستطاعة والفقر، أم ليست الحاجة شرطا فيه؟ فإذا كان يجوز لمن كانت به حاجة فهل يجوز لمن لم تكن به حاجة شديدة الاقتراض من بنك يتعامل بالربا بفائدة سنوية مشروطة ١٥% في السنة مثلا، حيث يستطيع العمل في هذا المال، وتحقيق ربح أكبر من الفائدة المشروطة، ٥٠ % في السنة مثلا، وبذلك يحقق ربحا من خلال الفرق بين الفائدة المشروطة وبين الربح الذي حصل عليه من خلال عمله في المال المقترض ٣٥% تبعا للمثال المضروب، أم لا يجوز؟
فأجابت:
"أولا: يحرم الربا حيث وجد، وبأي صورة كان، على صاحب رأس المال، ومن اقترض منه بفائدة، سواء كان المقترض فقيرا أم غنيا، وعلى كل منهما وزر، بل كل منهما ملعون، ومن أعانهما على ذلك، من كاتب وشاهد ملعون أيضا؛ لعموم الآيات والأحاديث الثابتة الدالة على تحريمه، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) الآيات، وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى) رواه مسلم في صحيحه. . . وروى الإمام أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء) ، وثبت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء) رواه مسلم.
وورق البنكنوت في الوقت الحاضر حل محل الذهب والفضة في الثمنية، فكان الحكم فيه كالحكم فيهما، فالواجب على كل مسلم الاكتفاء بما أحل والحذر مما حرم الله عز وجل، وقد وسع الله على المسلمين أبواب العمل في الحياة لكسب الرزق، فللفقير أن يعمل أجيرا أو متاجرا في مال غيره مضاربة بنسبة من الربح كالنصف ونحوه، لا بنسبة من رأس المال، ولا بدراهم معلومة الربح، ومن عجز عن العمل مع فقره؛ حلت له المسألة والزكاة والضمان الاجتماعي.
ثانيا: ليس لمسلم سواء كان غنيا أو فقيرا أن يقترض من البنك أو غيره بفائدة، ٥% أو ١٥% أو أكثر أو أقل؛ لأن ذلك من الربا، وهو من كبائر الذنوب، وقد أغناه الله عن ذلك بما شرعه من طرق الكسب الحلال كما تقدم، من العمل عند أرباب الأعمال أجيرا أو الانتظام في عمل حكومي مباح، أو الإتجار في مال غيره مضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح كما تقدم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٢٦٨) .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد الله بن غديان ... عبد الله بن قعود
فنوصيك أخي بالصبر والاكتفاء بالإيجار، إلى أن يوسع الله عليك، وكذلك نوصي صديقك، فإن الربا أمر عظيم، وعاقبته وخيمة، نسأل الله لنا ولكم العافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب