للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوج أختها يبعث لها رسائل نصية عبر الجوال وزوجها يكره ذلك

[السُّؤَالُ]

ـ[اكتشفت أن زوج أخت زوجتي يبعث برسائل نصية عن طريق الجوال إلى زوجتي، فغضبت وطلبت من زوجتي أن تغير رقم جوالها وتُكلم أختها بأن يكف زوجها عن مراسلة زوجتي، فردت عليّ زوجتي بأنه بمثابة أخوها وأنه محترم وأنها لم تر منه خلقا سيئا قط، فأخذتني الغيرة والعناد فقلت لها وأنا منفعل: ((خلاص خليكِ معاه)) ، وأقصد منها: (اذهبي له فأنا لم أعد أغار عليكِ) ، لقد تبادر في ذهني أن أطلقها ولكن لما قلت هذه الجملة لم أكن أقصد الطلاق، فأنا أخاف من الطلاق قبل الدخول بعد ما علمت أنه لا رجعة فيه إلا بعقد ومهر جديدين، وربما سبب لي موضوع الطلاق أنني صرت أدقق في كلامي معها أحيانا خشية أن يقع الطلاق وتجدني سرعان ما أتدارك كلامي وأبعده عن شبهة الطلاق، المهم بعدما قلت هذه الجملة تذكرت أن زوجتي ممكن تطلق بهذه الكلمة، ثم تذكرت بأن طلاق الكناية يقع بدون نية في حال وجود القرينة والتي هي هنا (الغضب) ، فتوترت وخفت واحمر وجهي، ومازلت أفكر هل ممكن أن تطلق مني زوجتي بهذه السهولة وبهذه السرعة، وربما صابني شيء من الوسواس من كثرة التفكير في نيتي حين التلفظ بتلك الجملة، فمرةً أُرجح وقوع الطلاق ومرةً أخرى أنفيه. أنا في حيرةٍ من أمري، أفتوني مأجورين واقطعوا شكي باليقين.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

قولك لزوجتك: " خلاص خليكِ معاه " يحتمل الطلاق وغيره - بل احتماله لغير الطلاق أظهر - وهو من ألفاظ الكناية التي لا يقع بها الطلاق إلا مع وجود النية، سواء وجدت قرينة أم لا على الراجح.

قال في "زاد المستقنع": " ولا يقع بكنايةٍ طلاقٌ إلا بنية مقارنة للفظ، إلا حال خصومة، أو غضب، أو جواب سؤالها " انتهى باختصار.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " هذه ثلاث أحوال يقع بها الطلاق بالكناية بلا نية. فقوله: " خصومة " يعني مع زوجته، فقال: اذهبي لأهلك، يقع الطلاق وإن لم ينوه، لأن لدينا قرينة تدل على أنه أراد فراقها.

وقوله: " أو غضب ": أي حال غضب ولو بدون خصومة، كأن يأمرها أن تفعل شيئا فلم تفعل فغضب، فقال: اذهبي لأهلك، يقع الطلاق وإن لم ينوه.

وقوله: " أو جواب سؤالها ": يعني: قالت: طلقني، قال: اذهبي لأهلك، يقع الطلاق ...

ولكن الصحيح أن الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية، حتى في هذه الأحوال؛ لأن الإنسان قد يقول: اخرجي أو ما أشبه ذلك، غضبا، وليس في نيته الطلاق إطلاقا ... " انتهى من "الشرح الممتع" (١٣/٧٥) .

وينبغي أن تحذر من الوسوسة والاستجابة لها في الطلاق وغيره، فإنها داء وشر.

ثانيا:

غيرتك على أهلك أمر محمود، ورغبتك في توقف زوج أختها عن مراسلتها حق مشروع لك، وعلى الزوجة أن تستجيب لذلك، فإن زوج أختها أجنبي عنها وليس كأخيها كما يقال، فلا يجوز أن يخلو بها أو يصافحها أو تكشف عن شيء من بدنها أمامه، ولا يجوز أن تخضع معه بالقول، بل تتكلم بكلام جاد فصل عند الحاجة إلى ذلك، والرسائل عبر الجوال وغيره يحصل فيها نوع من التساهل وعدم الانضباط وقد تؤدي للفتنة ولو كان الرجل صالحا، ولهذا صرح جماعة من أهل العلم بتحريم المراسلة بين الرجل والمرأة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبيَّة عنه؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسِل أنه ليس هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به.

وقد أمر صلى الله عليه وسلم مَن سمع الدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.

ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير، ويجب الابتعاد عنها، وإن كان السائل يقول إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (٢/٥٧٨) .

وقال الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله– وقد سئل عن المراسلة مع المرأة الأجنبيَّة -: " لا يجوز هذا العمل؛ فإنه يثير الشهوة بين الاثنين ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال، وكثيراً ما تحدث تلك المغازلة والمراسلة فتناً وتغرس حبَّ الزنى في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها، فننصح من أراد مصلحة نفسه وحمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها، حفظاً للدين والعرض، والله الموفق " انتهى من المصدر السابق.

فنصيحتنا لزوجتك أن تغير رقم هاتفها، أو تطلب من أختها إعلام زوجها بضرورة التوقف عن هذه المراسلة، سدا للذريعة، ومنعا للفتنة، ومراعاة لحق الزوج في غيرته على أهله ومحافظته على عرضه.

ويظهر لنا أيضاً: أن زوجتك تتساهل في الكلام مع زوج أختها، أو الجلوس معه، ولهذا تعرَّف عليها وعلى رقم هاتفها وصار يراسلها، وهذا أمر محرم، كما سبق.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>