ـ[أمي تعمل في مجال صناعة العباءات وملابس الأطفال وعندما سألتها عن العباءات خشية أن تكون مخالفة للشرع أخبرتني أنها تعمل في ملابس الأطفال فقط ثم عادت لتخبرني أن العباءات التي تعمل فيها غير مخالفة للشرع وقد نصحتها وما زلت أوصل النصيحة ثم علمت من طريق آخر غيرها أن صاحب العمل لا يهتم بكون العباءات غير مخالفة للشرع. سؤالي: كيف أتصرف مع أمي بدون أن أعقها؟ مع العلم أنها تنفق علي من هذه الأموال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في صناعة الملابس وخياطتها، من عباءات وغيرها، بشرط ألا تكون مما يستعان به على المحرم، كالملابس التي تتبرج بها النساء، وتظهر زينتها أمام الرجال الأجانب عنها؛ لقوله تعالى:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/٢.
وإذا كان اللباس مما يستعمل في الخير والشر، فتلبسه بعض النسوة في البيت، وتتبرج به أخريات، فإن عُلم حال المشتري، فلا إشكال، فيباع ويصنع لمن عُلم أنه يريده في الخير دون الشر. وأما إن جهل حال المشتري أو المستصنع، فيعمل الصانع أو البائع بما غلب على ظنه، فإذا غلب على ظنه أن المشتري سيستعمله في الحرام حرم عليه صنعه، وإن غلب على ظنه أنه سيستعمله في المباح، فلا حرج عليه في صنعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة"(٤/٣٨٦) : " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(١٣/١٠٩) : " كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله من لبس الملابس الشفافة والضيقة والقصيرة، ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب " انتهى.
فينبغي أن تنصح لوالدتك، وتبين لها التفصيل السابق، وأن المال الناتج عن صناعة ما هو محرم، مال خبيث لا خير فيه ولا بركة، وأنه يتعين الاكتفاء بصناعة ما هو مباح شرعا، والمرجو أنها ستستجيب لذلك، فإن أصرت على صناعة ما هو محرم، فلا حرج عليك في الأكل من طعامها والانتفاع بأموالها؛ لأنك إنما تأخذ الأموال بطريق مباح وهو النفقة، وتحريم هذه الأموال لا يتعلق بك، بل يتعلق بوالدتك فقط لأنها هي التي اكتسبتها بطريق محرم، مع التنبيه أن أموالها فيها الحلال والحرام، فليست كلها حراما، وهذا أيضا يؤيد جواز انتفاعك بهذه الأموال.