للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم الهجرة إلى بلد مسلم والبقاء فيه بغير محرم

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للمسلمة المطلقة بدون أولاد أن تهاجر لبلد مسلم لوحدها؟

تستطيع أن ترتب لكي يسافر معها محرم ولكنها لا تستطيع أن تجد محرماً ليعيش معها لأنها لا تستطيع أن تقنع والدها بأن يهاجر وهي كذلك غير متزوجة.

هذه الأخت مهتمة جداً بالأمر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بأنه بريء من الذي يعيش ويموت بين الكافرين.أرجو أن تجيب على هذا السؤال بما يخص الحلال والحرام في الإسلام وبعد هذا يمكن أن تقدم لي أي نصيحة.أرجو أن تذكر أي آية أو حديث تدعيماً للجواب.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

وبعد: فأما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فهي واجبة على كل من استطاعها، ومن لم يهاجر بعد استطاعته للهجرة، فهو ظالم لنفسه متوعد من الله بالعذاب الأليم قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) النساء:٩٧

وفي سنن أبي داود (٢٢٧٤) وَغَيْرِهِ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ} " حديث صحيح (الإرواء ٥ / ٣٠)

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَقَدْ وَجَبَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِبَلَدِ الْكُفْرِ أَنْ يَهْجُرَهُ , وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْمُسْلِمِينَ , وَلا يَسْكُنَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ , وَيُقِيمُ بَيْنَ أَظْهَرْهُمْ , وَذَلِكَ إذَا كَانَ لا يَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ شَعَائِرِ دِينِهِ , أَوْ يُجْبَرُ عَلَى أَحْكَامِ الْكُفْر " إ. هـ. بواسطة الموسوعة الفقهية (٤/٢٦٤)

قال في مغني المحتاج (٦/٥٤) " وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِيهِ (وَجَبَتْ) عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا "

وأنت قد تيسر لك المحرم الذي يوصلك لكن لا يصح أن تقدمي إلى هذا البلد المسلم إلا بشرط أن يوجد مكان آمن تأوين إليه، كمجتمع يسكن فيه أخوات مسلمات، أو مركز إسلامي يوجد فيه من يشرف على حفظك ورعايتك والقيام بما يصلح شؤونك الدينية والدنيوية بحيث لا تكونين عرضة للفتنة، والضياع، فإن لم يتيسر ذلك فأنت معذورة حتى تجدي المكان الآمن. لأن الله قَيًّد وجوب الهجرة بالاستطاعة. وعدم الأمن على النفس من الفساد أو الضياع داخل في عدم الاستطاعة، فتعذرين بذلك حتى يتيسر الأمر.فإذا تيسر فاقدمي مع محرمك ثم لا بأس أن تمكثي بغير محرم في هذا المكان الآمن. والله أعلم

وأما النصيحة فننصحك بالحرص على التزام شعائر الدين الظاهرة، والباطنة على قدر استطاعتك، وأن تحرصي على معرفة أحكام دينك من المصادر الصحيحة المستندة على الأدلة الشرعية، كما تحرصي مادمت موجودة في بلاد الكفار أن توصلي دعوة الإسلام إلى غيرك وخصوصا نساء الكفار والمسلمات المفرطات بكل ما تستطيعينه من الوسائل المشروعة، واعلمي أن من أعظم وسائل الدعوة أن تكوني أنت قدوة في نفسك، بالتزام أحكام الإسلام، والتخلق بأخلاقه العظام.

نسأل الله أن يوفقك للخير وأن يعينك عليه.. آمين.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>