تحدثت مع رجال عبر الإنترنت ثم تابت من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو المساعدة فالأمر في غاية الأهمية!
أسلمت منذ ٤ سنوات وتزوجت من ٣ سنوات تقريباً، وأنا لا أعيش مع زوجي لأننا تزوجنا سرّاً، وأهله لا يعرفون عني شيئاً حتى الآن، وأن لا تتاح لي فرصة رؤية زوجي بالعدد الذي أرغبه، ولذلك فقد أصبحت أشعر بالوحدة، ونتيجة لغبائي وأنانيتي وتعجلي فقد بدأت أتحدث إلى رجال من غير المحارم عبر شبكة الإنترنت!!! (وأسأل الله أن يغفر لي) ، لقد تحدثت مع عدد منهم، وأخبرتهم أني لست متزوجة، وأخبرت بعضهم أني مطلقة أو سأحصل على الطلاق في وقت قريب، كما أني أعطيت أحدهم صورة قديمة أظهر فيها بدون حجاب، حيث يظهر شعر رأسي ورقبتي ويداي!!!! حدث كل هذا قبل أشهر معدودة، وقد تبت الآن من جرائمي، كما أني بكيت خوفا من القبر ويوم الحساب، أنا أخاف الله كثيراً، وقد قطعت جميع العلاقات مع هؤلاء الأشخاص، أنا لا أتحدث الآن إلى أي رجل عبر الإنترنت لأني أعلم أن الشيطان يغري الإنسان، أنا أشعر بالخجل فعلا عما فعلت، وأشعر بالكثير من الذنب لذلك، أنا أحب زوجي وهو يحاول أن يخبر أهله بخصوصي إن شاء الله، أنا لا أريد أن أخسره، هل يجب عليَّ إخباره بما فعلت؟ وماذا عن الصورة؟ أنا أكره ما فعلت لكن ماذا لو أن الشاب لا يزال يحتفظ بها؟ هل سأذهب للنار؟ وفيما يتعلق بإخباري للناس أني كنت مطلقة، أو أني سأطلق، هل يؤثر ذلك على صحة زواجي؟ أعلم أني أفسدت وحطمت حياتي، لكني أرجو المساعدة، فالله يعلم وحده مقاصدي، أنا لا أريد أن أجرح أي شخص، أو أن أرتكب الخطأ في حق الله، أريد أن أعمل الأفضل لجميع الأشخاص، وأريد أن أستر على نفسي، فهل يمكنني ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي هداكِ للإسلام، وقد اختاركِ الله تعالى لتكوني من أتباع هذه الرسالة العظيمة، وهذا أعظم أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، فعليكِ المداومة على تذكر هذه النعمة الجليلة التي حُرمها الكثير، والقيام بشكر الله تعالى عليها بالقلب واللسان والجوارح.
ثانياً:
والحمد لله تعالى أن يسَّر لكِ الزواج من مسلم، وإن كنَّا نودُّ أن يكون زواجاً ليس فيه بعدٌ من زوجك عنكِ، وأن يعلم أهله عنه، وبما أن لإخفاء زوجك هذا الأمر عن أهله وابتعاده عنك دوراً كبيراً فيما حصل معكِ فإن عليك المسارعة في إصلاح هذا الأمر، وذلك بالطلب منه أن يجعل زواجكم علنيّاً، وأن يسارع في إخبار أهله، وأن يبقى إلى جانبك لإعانتك على طاعة الله تعالى، وعليه أن يتقي الله تعالى فيكِ وأن لا يعرضكِ للفتن، وليتنبه لهذه المسئولية الملقاة على عاتقه.
ثالثاً:
والحمد لله تعالى أن وفقكِ للتوبة والرجوع إليه قبل الانغماس في المعصية أو ارتكاب ما هو أشد منها، والمعصية يزينها الشيطان في نفس فاعلها، فإنْ تذكَّر عقوبة فِعلها وتذكَّر ما عند الله من الثواب على تركها، وعلم ما أعدَّه الله في الآخرة للطائعين: علِم أن ما عند الله خير وأبقى، وأن المعاصي مهما بلغ صاحبها في النشوة واللذة فهي إلى غمٍّ وهمٍّ ونكدٍ في الدنيا، وإلى عقوبة في الدار الآخرة، فاستمري على التوبة، وعلى ندمك على ما فعلتِ، واعزمي عزماً مؤكداً على عدم الرجوع إليها، وافعلي الطاعات تعويضاً عما فات وتقرباً إلى الله لزيادة الثواب.
رابعاً:
لا بدَّ أن تغلقي أبواب الفتن التي جاءتك المعاصي من خلالها، ونعني بذلك " تلك المحادثات " فعليك أن تبتعدي بالكلية عن تلك المحادثات الآثمة التي كانت مع الرجال، فلا يحل لك دخول الغرف الصوتية لهم ولا مراسلتهم والحديث معهم، وإن كانوا معك على " الماسنجر " فسارعي بشطب أسمائهم.
وإن خشيت أن يكون دخولك على الإنترنت سيجرك إلى محادثة هؤلاء فامتنعي كليةً عن الدخول على الإنترنت، واكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة، وقراءة الكتب النافعة، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسكِ يدلونك على الخير، ويمنعونك من السوء والشر.
ومن مقتضيات التوبة الصادقة التي يكون معها الندم والعزم على عدم الرجوع إليها أن تبتعدي عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة، أو منتديات اللغو والفحش.
ولو أنك فرَّغتِ نفسكِ لسماع الأشرطة وقراءة الكتب النافعة، وقراءة الأجوبة والمقالات من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد، وسلامة المنهج لما كفتكِ حياتك كلها لو طالت، فكيف تضيِّعين العمر فيما لا ينفع وبين يديك كنوز الخير من الكتب والمقالات والأشرطة؟! وهي حجة عليك يوم القيامة إن فرطتِ فيها، وليس لك أن تقولي إنني وحيدة ولا أعرف كيف أقضي وقتي، وأنتِ بين بساتين الخير فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية، فتنقلي بين تلك البساتين واحرصي على الخير لنفسك، واعلمي أن العمر قصير، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية؟!
خامساً:
من عادة كثير من الرجال في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن انتقلوا إلى غيرهن، وهذا ما أنقذك الله منه، وهي نعمة لا تقدَّر بمال الدنيا، وتحتاج منكِ إلى المداوة على شكره تعالى، وكذلك يتركونهن إلى غيرهن إذا أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات، وقد يخطر ببال كثير منهم أن ما حصل من محادثات لم يكن مع امرأة، وأن الصورة ليست لواحدة بعينها، بل قد تكون من أي محل تصوير أو من مجلة أو من جريدة، فإذا قطعتِ الاتصال بهم نهائيّاً – وهذا ما وفقك الله لفعله - فإن الأمر سيكون على تلك الاحتمالات، ولا داعي للاهتمام بالصورة والحرص على تحصيلها، فقد تستخدم وسيلة ابتزاز كما حدث مع كثيرات، فانسي الأمر تماماً وفوِّضي أمرك إلى الله تعالى، فهو " ستِّير يحب الستر " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي وفقك للإسلام والتوبة، وهو الذي أنقذك، فلم تقعي في براثن تلك الذئاب، وهو الذي سيستر عليك، وييسر لك أمرك، بمشيئته سبحانه وتعالى، وصور النساء اللاتي تُظهر أكثر مما في صورتك تملأ الشبكة – عياذاً بالله – فلن يبقى أحدٌ منهم حريصا على صورةٍ مثل تلك، وبين يديه الآلاف غيرها.
سادساً:
وإياكِ أن تخبري زوجكِ بما حصل، بل عليك أن تستتري بستر الله تعالى، وقد يتسبب إخبارك له بعواقب وخيمة، فدعي الأمر بينك وبين الله، توبي إليه عز وجل، واطلبي منه العفو والمغفرة، وأكثري من فعل الطاعات، واحرصي على أن يعلن زوجك زواجك لأهله، واطلبي منه أن يبقى إلى جانبك ليعينك على طاعة الله، ولا تفتحي على نفسكِ أبواباً مغلقة بإخباره عما حصل منكِ، فليس هناك فائدة في إخباره، بل قد يترتب عليه آثار ليست في مصلحتك ولا مصلحة بيتكِ.
سابعاً:
ليس في إخبارك لأحدٍ أنك " مطلَّقة " أو " أنك ستطلَّقين " أي أثر على صحة عقد زواجك، فاطمئني ولا تقلقي، ومثل هذه الكلمات قد يترتب عليها أمور أخرى لو قالها الزوج، أما الزوجة فلا أثر لنطقها بتلك الكلمات على عقد الزواج، فلا داعي للقلق من هذه الناحية، وليس هناك حكم يترتب على قولك سوى أن عليك التوبة والاستغفار لأنه إخبار بغير الحقيقة.
ثامناً:
أنتِ لم تفسدي حياتك بل أصلحتيها بإسلامك أولاً، وبتوبتك من تلك المعاصي ثانياً، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم، وأنه يقبل التوبة من عباده، وأنه يبدل سيئات الصادقين في توبتهم حسنات، وأنه تعالى قد يوفقك لصدقك في التوبة لأن تكوني أفضل حالاً وأقوى استقامة بعد ذلك الرجوع الصادق إليه عز وجل، فلا يتطرق اليأس والقنوط إلى قلبك، فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوَّابون) وأنتِ من بنات آدم، وقد أخطأتِ، فكوني من خير الخطائين وهم التوابون، ونرجو من الله تعالى أن يكون قد وفقك للتوبة النصوح، وأن يتقبل منك.
واعلمي أن الله تعالى سيبدل سيئاتك حسنات لو أنك فعلتِ هذا، واسمعي ماذا يقول ربنا عز وجل في هذا، قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان/٦٨– ٧٠.
والخلاصة:
استمري على توبتك، وأغلقي أبواب الفتنة عليك، واحرصي على الطاعة والصحبة الصالحة، ولا تخبري زوجك بما حصل معك، وثقي بالله تعالى أنه سيستر عليك لو أنك صدقتِ في توبتك.
ونرجو أن نكون قد أجبنا على تساؤلاتك، وستجدين هذا الموقع نصيراً لك، ودالاًّ لك على الخير، إن شاء الله تعالى، ونرجو أن نسمع عن تغير حالك إلى ما هو أحسن، وأن نرى زوجك أعلن زواجك أمام أهله، ونسأل الله تعالى أن يرزقك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وذرية طيبة.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب