لا يقع الطلاق بمجرد العزم عليه دون التلفظ به
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نشزت عنه زوجته بعد شجارات وعدم توافق وتفاهم في حياة زوجية لم تمتد أكثر من أربعة أشهر، وقد وَلدت عند أهلها بنتاً منه، وباءت محاولات الصلح وإرجاع المرأة لبيتها بالفشل، ثم إن الرجل رفع دعوى بالمحكمة بإلزامها بالرجوع، وحكمت له، فقامت باستئناف الحكم، وقدمت شكوى ضده لدى الشرطة والنيابة على أن الزوج اعتدى عليها بالضرب، وبعدها قدمت دعوى بالمحكمة - بناء على هذه التهمة - ترغب فيها التطليق من زوجها للضرر الذي لحق بها بزعمها، وطلبت مع هذا الطلب التعويض المادي والمعنوي وإلزام الزوج بكافة حقوق المطلقة، ومنذ عامين لا تزال الدعوى منظورة ولم يتم الفصل فيها، وقد عزم الزوج بعد إظهار الشر من زوجته وأصهاره ومحاولة الإساءة إليه بشتى الأنواع ألا ترجع إليه أبداً ولا تكون زوجته، إلا أنه لا يريد أن يطلق إلا بعد الفصل بحكم التطليق من المحكمة لعل أن يكون الحكم منصفاً له ولصالحه وتسقط جميع حقوق الزوجة، فهو يرى أنه هو المتضرر منها وليس كما ادعت هي أمام المحكمة. السؤال: هل يتحقق الطلاق بمجرد العزم عليه بالقلب وانتظار حكم المحكمة طول هذه الفترة؟ وهل يأثم في شيء من ذلك - مع العلم أنه محافظ على دفع النفقة الشهرية المقررة عليه -؟ وهل من واجبات أخرى يلزمه بها الشرع اتجاه زوجته في هذه الفترة، واتجاه طفلته التي بلغت الثانية من عمرها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يجزيك خيراً لحرصك على أداء الحقوق كاملة تامة، ونسأله سبحانه أن تنتهي الأمور بينك وبين زوجتك على ما يكون فيه الخير لكما في الدنيا والآخرة.
وأما وقوع الطلاق فلا يقع بمجرد العزم عليه، بل يشترط التلفظ به والنطق به.
قال الحافظ بدر الدين العيني رحمه الله:
"وليس لأحدٍ خلاف أنه إذا نوى الطلاق بقلبه ولم يتلفظ به: أنه لا شيء عليه، إلا ما حكاه الخطابي عن الزهري ومالك أنه يقع بالعزم، وهذا في غاية البُعد، ونقضه الخطابي على قائله بالظهار وغيره، فإنهم أجمعوا على أنه لو عزم على الظهار لم يلزمه حتى يتلفظ به، ولو حدَّث نفسه بالقذف لم يكن قاذفاً، ولو حدَّث نفسه في الصلاة لم يكن عليه إعادة، وقد حرَّم الله الكلام في الصلاة، فلو كان حديث النفس في معنى الكلام لكانت صلاته تبطل.
وممن قال إن طلاق النفس لا يؤثر: عطاء بن أبي رباح وابن سيرين والحسن وسعيد بن جبير والشعبي وجابر بن زيد وقتادة والثوري وأبو حنيفة وأصحابه الشافعي وأحمد وإسحاق" انتهى.
" عمدة القاري شرح البخاري " (٢٠ / ٢٥٦) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (٢٩ / ٢٣) :
" فإذا نوى التّلفّظ بالطّلاق ثمّ لم يتلفّظ به: لم يقع بالاتّفاق؛ لانعدام اللّفظ أصلاً، وخالف الزّهريّ، وقال بوقوع طلاق النّاوي له من غير تلفّظ.
ودليل الجمهور قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله تجاوز لأمّتي عمّا حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلّم به) " انتهى.
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (٢٠ / ٢٧) :
" إذا لم يصدر منك كلام إلا قولك لأخيك: (نريد أن نطلق) فليس في هذا الكلام إنشاء طلاق، وإنما هو وعد بالطلاق" انتهى.
وفي " فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " (١١ / ٧٠) :
"الطلاق لا يقع إلا بلفظ أو ما يقوم مقامه، سواء كان اللفظ صريحاً أو كناية" انتهى.
وقد سبق في موقعنا تقرير هذه المسألة في جوابي السؤالين: (٢٠٦٦٠) و (٣٤١٦٤) .
أما ما يجب عليك الآن نحو زوجتك وولدك: فما دمت تنفق عليهم النفقة الشهرية فأنت في مأمن من الإثم والظلم إن شاء الله، حتى يفصل القضاء الشرعي بينكما فيلزمك تنفيذ ما يأمرك به حينئذ.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب