للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختيار صاحب العمل سكرتيرة للعمل

[السُّؤَالُ]

ـ[ي: هل يجوز عمل المرأة كسكرتيرة في إحدى شركات الخدمات، علماً بأن الشركة عبارة عن مكتب مكون من غرفتين واستقبال، وأصحاب الشركة هم من ذوي الأخلاق والدين، وحجتهم في اختيار الفتاة للعمل أنه هكذا جرت عليه العادة في بلدنا، بالإضافة إلى أنها أقدر في أمور السكرتارية وأعمال الكمبيوتر!! هل في ذلك إثم على أصحاب الشركة، وهل يجوز العمل مع الالتزام بالحشمة والدين؟ وهل يجوز لهم إحضار عاملة في الشركة للتنظيف وخلافه؟ أرجو التوضيح مع الأدلة: هل هناك فرق بين الخلوة والاختلاط؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال، لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير، كالخلوة والنظر والمصافحة وتعلق القلب بأصحاب العمل أو زملائها فيه، وغير ذلك مما هو معلوم، ولا يكاد يسلم العمل المختلط من هذه المحاذير أو بعضها.

وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في الجواب رقم (١٢٠٠)

ثانيا:

لا يجوز لصاحب العمل أن يوظف امرأة تعمل بين الرجال، سواء كانت في السكرتارية أو في النظافة أو غير ذلك؛ لما فيه من الإعانة على الاختلاط المحرم.

وكون العادة في بلد السائل جرت على هذا، لا يعتبر مسوغا له من جهة الشرع، بل الواجب إخضاع العوائد لأحكام الشرع، وضبطها على وَفقه.

والادعاء بأن المرأة أقدر على أمور السكرتارية وأعمال الكمبيوتر، ليس صحيحا، ففي الرجال من يحسن ذلك أيضا، والأمر راجع إلى حسن الاختيار، والرجل أحق وأولى بالعمل لأنه الذي يقوم على الأسرة، ويرعاها، وهو المطالب بالنفقة شرعا. والمرأة إن تيسر لها عمل مباح خال من المحاذير فذاك، وإلا فبيتها خير لها.

ثالثا:

الخلوة بين الرجل والمرأة محرمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) رواه الترمذي (٢١٦٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) رواه البخاري (٣٠٠٦) ومسلم (١٣٤١) .

وضابط الخلوة هو اجتماعهما في مكان يأمنان فيه من اطلاع الغير عليهما.

وأما الاختلاط: فقد يكون بلا خلوة، كاجتماع عدد من الرجال بعدد من الإناث، والمحرم منه ما ترتب عليه شيء من المحاذير السابقة، كالنظر واللمس والخضوع بالقول، وتعلق القلب، وهذا – كما سبق- لا يكاد يسلم منه عمل مختلط؛ لأن كثرة اللقاء وطول الجلوس، يسقطان الكلفة، ويوجبان التوسع في المعاملة، خاصة في ضيق المكان، محدود الأشخاص، كالحالة التي ورد السؤال عنها، فهنا تكون فرصة التعارف والتعلق أقوى وأقوى!!

وقد يسلم الاختلاط من الخلوة، لكنه لا يمنع المواعدة عليها، وعلى ما هو أعظم منها.

ومن تأمل أدلة تحريم الاختلاط - وهي في الجواب المحال عليه - علم حكمة الشرع في سد هذا الباب، وأن الأمر مبني على معرفة طبيعة الجنسين، وما ينشأ عن تقاربهما وتجاورهما، وحرص الشريعة على صيانة كل منهما.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٢/١٥٦) : " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك ".

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>