للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العمل في شركة تبيع الذهب بالدين

[السُّؤَالُ]

ـ[أعمل في شركة كبيرة لصياغة وتجارة الذهب وطبيعة عملي كمندوب مبيعات، لكن هذه الشركة تقوم ببيع الذهب بالدَّيْن، ولكن تثبيت سعر الذهب عند الدفع (سعر السوق عند الدفع) أي أن الزبون الذي يأخذ ١كيلو من الذهب يكون مدينا بكيلو بالإضافة للأجور، وعندما يدفع إما أن يدفع كيلو ذهب سبائك بالإضافة للأجور أو نقدا سعر الكيلو وقت الدفع + الأجور، كما أننا نبيع الذهب المصاغ وهو يحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب، علما أنه ظاهر للعيان ويعرف الزبون بهذا الأمر , فما حكم البيع وما حكم عملي في هذه الشركة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

نسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك، وأن يجزيك خيرا على سؤالك وتحريك للرزق الحلال.

ثانيا:

اشتمل سؤالك على أربع مسائل:

المسألة الأولى:

بيع الذهب مؤجلا أو بالدين، وصورتها كما ذكرت، أن يأخذ الزبون الذهب، ثم يدفع بعد ذلك ذهبا مثله، أو نقودا، أو ذهبا ونقودا، وكل ذلك لا يجوز؛ لأن من شرط بيع الذهب بالذهب أو بالنقود أن يكون يدا بيد، ولا يجوز تأخير شيء من البدلين عن مجلس العقد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (٢٩٧٠) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

فبيع الذهب بالذهب: لا بد فيه من شرطين: التساوي في المقدار، والتقابض في مجلس العقد.

وبيع الذهب بالفضة أو بما يقوم مقامها كالنقود، لا بد فيه من شرط وهو التقابض في مجلس العقد، وأما تأخير السداد عن المجلس فربا نسيئة محرم، وقد يكون ربا فضل أيضا إذا كان سيدفع ذهبا أكثر، أو ذهبا مساويا مع نقود زائدة.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين فهل هذا جائز أو لا؟

فأجابوا: " إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز، بل هو حرام؛ لما فيه من ربا النسأ. وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٤٦٦) .

وانظر السؤال رقم (٢٢٨٦٩) ، ورقم (٦٥٩١٩) لمزيد الفائدة.

المسألة الثانية:

وأما بيع الذهب بذهب مع دفع أجرة للتصنيع فهذا حرام، والواجب في بيع الذهب بالذهب التقابض في مجلس العقد، والتماثل في الوزن، بقطع النظر عن صناعة كل صنف.

وانظر جواب السؤال (٧٤٩٩٤) .

المسألة الثالثة:

بيع الذهب المحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب: وهذا فيه تفصيل:

فإن كان يباع بفضة أو بنقود ورقية، فلا حرج في ذلك، ما دام أنه ظاهر للعيان والمشتري يعلم ذلك، كما ذكرت.

وإن كان يباع بذهب، فلابد من فصل الفصوص حتى يعلم قدر الذهب الذي فيه، ويتحقق من مساواة الذهب للذهب.

وانظر جواب السؤال رقم (٣٦٧٦٢)

المسألة الرابعة:

حكم العمل في هذه الشركة: وهو مبني على ما سبق، فحيث كانت الشركة تتعامل بالربا ولا تتقيد بأحكام الشرع، فلا يجوز العمل فيها، لما في ذلك من ارتكاب الحرام أو الإعانة عليه.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟

فأجاب: " العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة، محرم لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢، ولقوله: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/١٤٠.

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص ٣٩٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>