للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم أكل لحم الحيوانات والنباتات المعدلة جينيّاً

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو حكم أكل لحوم الحيوانات التي تتغذى على النباتات المحوَّرة وراثيّاً (المعدَّلة جينيّاً) ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا زالت الأبحاث مستمرة عن تأثير النباتات المعدَّلة وراثيّاً على الإنسان والنباتات والحيوانات والبيئة، بل والاقتصاد، ولا يزال كثير من أهل الاختصاص يحثون على عدم الانسياق وراء ظاهر الأمر بالنسبة للنباتات المعدَّلة وراثيّاً من حيث وفرة إنتاجها، وقدرتها على التغلب على الآفات الزراعية ومقاومة الأمراض.

وهناك وجهتان رئيستان في هذه المسألة: الأولى تتزعمها الشركات الأمريكية، ومؤسساتها الحكومية، وهي التي تجيز استعمال النباتات المعدَّلة وراثيّاً وتسويق منتجاتها في الأسواق، والوجهة الأخرى، وهي المضادة لها، وهو ما يمثله الاتحاد الأوروبي، وهو الذي يمنع من زراعاتها في أراضيه، ويحذِّر من آثارها المحتملة.

ولا تزال الأمور غير قطعية بالنسبة لآثارها؛ لأن الأمر يتطلب سنوات حتى تظهر تلك الآثار، على حسب كلام أهل الاختصاص، فوجود زروع أكثر مقاومة للمبيدات الزراعية يعني كثرة استعمالها، وهو ما سيؤدي إلى خطر على البيئة وعلى صحة الإنسان، ووجود هذه القوة في النباتات سيؤدي إلى دخولها في بدن الآكل، كما أنه من المعلوم أن البلد المستورد لهذه النباتات لن يستطيع زراعة أرضه مرة أخرى من بذور تلك النباتات، ومعنى ذلك أنه سيبقى تحت سيطرة وسطوة الشركات المنتجة لتلك البذور، وهو ما سيؤثر على نوع النبات المنتجة، وعلى اقتصاد البلد المستورد، حيث إنه سيظل مستورداً مستهلكاً، لا منتجاً مستقلاًّ.

وقد عقدت " المنظمة العربية للتنمية الزراعية " ندوة في السودان ١٥ – ١٧ / ٦ / ٢٠٠٣ م، وكان موضوع تلك الندوة " تقييم الآثار البيئية لإدخال الأنواع النباتية والحيوانية المحوَّرة وراثيّاً ".

وننقل من تلك الندوة ما يوضِّح المسألة قبل ذِكر حكم ما جاء في السؤال:

١. في (ص ٤٥) قال الدكتور عوض الله عبد الله عبد المولي - أستاذ تربية النبات والوراثة - قسم المحاصيل الحقلية في كلية الزراعة، جامعة الخرطوم -:

" ما هي منتجات النباتات المحورة وراثياً؟ :

هي عبارة عن المنتجات لنباتات المحاصيل التي تمت هندستها وراثيّاً، وذلك بإدخال جينات غريبة على مادتها الوراثية، والجين الغريب الذي يمكن أن يأتي من مصادر مختلفة تم إدخاله لزيادة القيمة، وتحسين الصفات الوراثية للنبات المهندَس وراثيّاً، وعادة يتم تحوير أو تعديل هذه النباتات وراثيّاً لغرضين أساسيين هما:

١. تقليل تكاليف إنتاج هذه النباتات، وذلك بجعلها مقاومة للأمراض والآفات.

٢. تحسين الجودة للمنتج منها، وذلك بتحسين المظهر – المكون الغذائي – للصفات المتعلقة بالتصنيع والتخزين.

يتم إنتاج هذه المنتجات المعدلة وراثياً باستعمال تقنيات الهندسة الوراثيّة، حيث يتم أولاً تحديد الجين المسئول عن الصفة المرغوبة، ثم يتم عزله، ومن ثم إدخاله إلى الكائن الحي (المستقبِل) ، وبعد أن يندمج الجين الجديد في المادة الوراثية للنباتات المهندسة وراثيّاً يمكن إكثار الخلايا التي نجح فيها اندماج الجين الجديد، ومن ثم عبر طرق زراعة الأنسجة يمكن إنتاج نباتات كاملة من تلك الخلايا، وتصبح هذه النباتات معدَّلة أو مهندَسة وراثيّاً.... وبمجرد تثبيت هذا الجين في النبات المهندَس وراثيّاً يمكن نقله إلى أصناف أخرى من نفس المحصول، وذلك باستعمال الطرق التقليدية لتربية النبات، وذلك عن طريق التهجين والتهجين الرجعي" انتهى.

٢. وفي ورقة بعنوان " التحوير الوراثي: مبرراته , فوائده وآثاره على البيئة والمجتمعات " من إعداد: الدكتور لخضر خليفي والدكتورة ماجدة خليفي، (ص ١٥) قالا:

" ففي مجال التحوير الوراثي بالذات يظهر الفرق جليّاً بين القوانين الأمريكية والأوروبية , في حين يعتبر القانون الأمريكي أن الأغذية المحورة وراثيّاً أغذية طبيعية لا تشكل أي خطر حتى يثبت العكس: فإن القانون الأوروبي - وخاصة الفرنسي - يعتبر الأغذية المحورة وراثيّاً غير طبيعية، يحتمل أن تشكل خطراً إلى أن يثبت العكس " انتهى.

ثانياً:

لا يستطيع الباحث في هذه المسألة تحريم أكل الثمار والفواكه والزروع المعدَّلة وراثيّاً، إلا أن يثبت ضررها يقيناً، وهذا لا يعني التساهل في أمرها؛ لما بيَّناه سابقاً من احتمال خطرها من نواحٍ متعددة، وإقبال الناس على النباتات والزروع الطبيعية يلقى رواجاً عظيماً، ويقبل عليه الناس ولو كان أكثر ثمناً.

ولا يزال الموضوع يحتاج إلى مزيد من الأبحاث ومزيد من السنوات حتى يتضح تأثير هذه النباتات، ومدى ضررها.

وإلى أن يثبت ضررها، فالأصل: إباحة هذه النباتات، وإباحة أكل الحيوان المتغذي على هذه النباتات، مع ضرورة الحذر مما يمكن أن تسببه تلك النباتات مستقبلاً، ومع ضرورة متابعة الأبحاث والأخبار المتعلقة بتلك النباتات.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>