والداها يرفضان لبسها للنقاب بحجة أنها صغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة لدي ١٤ سنة، وفي الصف الثاني الثانوي إن شاء الله ولكنني، أرتدي حجابا بحيث يستر جسدي كله، وفضفاض ولأغطي باللحاف أو الخمار كل صدري ونحري ولكن لا ينكشف مني إلا الوجه والكفان تطبيقا لما قاله بعض العلماء من أنهما ليسا بعورة بسبب هذه الإشكالية التي وقعت بين العلماء على قضية الحجاب ولكنني أحاول جاهدة أن أفعل أحسن من ذلك فحاولت تكرارا ومرارا أن أقنع أبي وأمي بأن أرتدي النقاب ولكن دون جدوى فهم يقولون لي بأنني مازلت صغيرة ولم أبلغ إلا من سنتين فقط فماذا أفعل هل أطيعهما وهما يتحملان وزري وإثمي وذنبي ويحملانه أمام الله وأنا لا إثم علي أم أعصيهما تقربا لله علما بأنني إذا فعلت ذلك قد يحدث لي العديد من المشكلات التي لا حصر لها معها وما يترتب عليه من غضب من قبلهما نحوي وأنت تعلم يا سماحة الشيخ فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ستر المرأة وجهها عن الأجانب، واجب، في أصح قولي العلماء، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (١١٧٧٤) .
ثانيا:
لا يجوز للفتاة أن تطيع والدها أو أمها في ترك ستر الوجه، وقد اقتنعت بوجوب ستره؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما لا يجوز للأب أن يأمر ابنته بكشف الوجه، ولو كان يرى أن النقاب مستحب، لأنها مكلفة بما علمت واقتنعت، وستسأل عن ذلك، لا عن قناعة والدها ورأيه، فحيث تركت النقاب كانت عاصية لربها، فماذا يفيدها طاعتها لأبيها حينئذ.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري (٧٢٥٧) ومسلم (١٨٤٠) .
ثالثا:
ينبغي أن تجتهدي في نصح والديك، وإقناعهما بأن لك الحرية في اختيار القول الذي ترينه صوابا، سواء بمعرفة أدلته، أو بتقليد من وثقت به من أهل العلم، وأنه لا يجوز لك شرعا أن تدعي هذا القول لكونه يخالف رأي أبيك أو أمك، وأن تركك لستر الوجه يعني الوقوع في الإثم والمعصية. سواء تركته مرة أو مرتين أو أكثر، فكلما خرجت أمام الأجانب كاشفة، أثمت بذلك.
ولعله قد ظهر لك من هذا الجواب أن المسألة ليست في إقناع والديك بوجوب النقاب، فهذا قد يتحقق وقد لا يتحقق بناء على وضوح الأدلة وخفائها، وسُبل الإقناع بها، لكن المسألة التي ينبغي التركيز عليها هي أن الفتاة المكلفة لا يلزمها اتباع رأي أبيها، ولا يجوز لها أن تدع ما اقتنعت به لأجل رأيه وقناعته، ولا يجوز له أن يلزمها برأيه.
ولأن المسألة خلافية، والخلاف فيها معتبر بين أهل العلم، فالواجب في مثل ذلك الترفق في الحديث مع الوالدين فيها، والصبر عليهما، وعدم حمل أمرهما على الإثم ومعصية الله عز وجل، أو الرغبة عن شرعه، فربما كانا مقتنعين بعدم الوجوب، كما أنك مقتنعة بالوجوب، ولأن من حقهما رعايتك وتربيتك، فهما يريان منعك من أمر ليس واجبا: من حقهما.
والذي يظهر من سؤالك أن والديك لا يعترضان على أصل ستر الوجه، ولكن ينظران إلى صغر سنك، وهذا مما يسهل السبيل لإقناعهما، فإنه إن كان ستر الوجه واجبا، فإن الفتاة البالغة مطالبة به، وتأثم بمخالفته، ولا فرق بين أن يكون عمرها ١٤ سنة أو ٢٠ سنة.
وأما المشاكل المتوقعة من إصرارك على رأيك ومخالفتك لوالديك، فهي مشاكل معتادة، تزول بمرور الوقت واعتياد الوالدين على رؤية النقاب، والأمر يحتاج إلى صبر وتضحية، وحسب المؤمنة أن يرضى عنها ربها وإن سخط الناس.
وبعض الآباء يخافون من ارتداء بناتهم النقاب في سن مبكرة، خشية أن ينفروا منه بعد ذلك ويضطروا لخلعه، ولهذا نقول: أظهري مدى قناعتك بالنقاب، ورغبتك في ارتدائه، وتمسكك به، وبددي تلك المخاوف. وبعضهم يخاف عليها من أنها إن انتقبت لم يرها أحد كما ينبغي، مما يؤثر على زواجها فيما بعد.
والخلاصة: أن الذي ننصحك به في هذه المشكلة: أن تتأني في التعامل مع والديك، وأن توسطي من يقنعهما بذلك إن تيسر لك، وتقدمي لهما بعض الأشرطة لأهل العلم الذين يبحثون ذلك، ويقررون فيه ما تعتقدينه من الوجوب، بشرط أن يكون محل ثقة عند والديك، وإن غلب على ظنك أن مشاكل لبس النقاب، مع أسرتك، أكثر مما تحتملينه، فبإمكانك تأخير اللبس قليلا حتى يقتنعا، أو تخف حدة توترهما، مع التقليل من خروجك خارج البيت، والاختلاط بالأجانب لأقصى ما يمكن، وإن استطعت أن تلبسيه في الشارع، حيث لا يريانك، فهو طيب إن شاء الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب