كانت تعمل في الترجمة الفورية للاجئين يكذبون للإقامة في أمريكا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل كمترجمة فورية لصالح وكالة تساعد اللاجئين الجدد للحصول على إقامة بالولايات المتحدة، أحيانًا أقابل بعض الأشخاص الذين أترجم لهم يحملون أسماء غير حقيقية، ويكذبون فيما يخص علاقة بعضهم بالآخر، وأيضًا يكذبون فيما يتعلق بموقفهم في بلادهم التي أتوا منها؛ وذلك حتى يتسنى لهم الحصول على مساعدة " الأمم المتحدة "، وإحضارهم هنا، لا أستطيع البوح بالحقيقة لهذه الوكالة التي أعمل لحسابها؛ لأنه قد يترتب على ذلك حدوث مشاكل عدة لهؤلاء اللاجئين، والسؤال هو: هل الأجر الذي أتقاضاه حلال أم حرام، مع العلم أنني توقفت عن الترجمة الآن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عمل المرأة في الإسلام له ضوابط وشروط، فليس للمرأة أن تعمل في مكانٍ يُعصى فيه الله تعالى، ولا أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال، ويجب أن يكون عملها لضرورة، أو حاجة ماسَّة؛ لأن لها رسالة جليلة، وأعمالاً عظيمة في بيتها، تربي أولادها، وتعنى بخدمة زوجها، وتحفظ ماله، وبيته، ولا يقوم مقامها أحد في هذه الأعمال مهما كابر المكابرون، وافترى الأفاكون، فإنهم يريدون للمرأة أن تخرج فحسب، وهم يعلمون عظَم ما تؤديه من أعمال في بيتها.
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز للمسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب الالتزام بالحجاب الشرعي، والبُعد عن مجامع الرجال، والبحث عن عمل مباح ليس فيه شيء من هذه مما حرم الله، ومَن ترك شيئا لله عوَّضه الله خيراً منه، والله جل شأنه يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق/ ٢ , ٣.
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ بكر بن أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٧ / ٢٣١) .
وقد ذكرنا أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (١٢٠٠) ، وبيَّنا حكم العمل المختلط في جواب السؤال رقم (٣٩١٧٨) ، وتجدين ضوابط عمل المرأة في جواب السؤال رقم: (٢٢٣٩٧) ، وفي جواب السؤال رقم (٦٦٦٦) وصايا مهمة فيما يتعلق بعمل المرأة المختلط، فلتنظر هذه أجوبة هذه الأسئلة.
ثانياً:
مثل هذا العمل لا نراه جائزاً حتى لو كان من يطلب اللجوء صادقين؛ لأن الأصل هو تحريم الإقامة في ديار الكفر، فإذا أُضيف إلى ذلك أنهم سيعانُون بالكذب من أجل ذلك: تأكد التحريم والمنع، ولم يجز لأحدٍ أن يعينهم على ذلك، ونحن نعلم أنه ثمة ضرورات لبعض الأشخاص تلجئهم إلى الإقامة في هذه البلاد، وهؤلاء لهم حكمهم الخاص بأهل الضرورات ومن أشبههم، لكننا نتكلم عن عمل يستقبل الجميع، ولا يفرق بين ضرورة وغيرها.
وقد ذكرنا في أجوبة كثيرة مسألة الإقامة في بلاد الكفر، والمفاسد المترتبة على ذلك، والشروط الواجب توفرها في المقيم إن أقام لعذر شرعي يبيح له تلك الإقامة - وينظر أجوبة الأسئلة: (١١٧٩٣) و (١٤٢٣٥) و (٢٧٢١١) .
ثالثا:
الكذب صفة ذميمة في شرع الله، وهو مجانب للإيمان، كما قال أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه، وهذه الإعانة لأولئك اللاجئين هي من التعاون على الإثم والعدوان، وهو أمرٌ محرَّم في شرع الله تعالى، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة / ٢.
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -:
يأمر تعالى عبادَه المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات، وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم، والمحارم.
" تفسير ابن كثير " (٢ / ١٢ , ١٣) .
وانظري فتوى لعلماء اللجنة الدائمة في المنع من الإعانة بالكتابة لمن يكذب ويشهد زوراً، وذلك في جواب السؤال رقم: (٣٥٥٧٣) .
ثالثاً:
من الجيد أنكِ تركتِ ذلك العمل، وأما بخصوص المال الموفَّر منه: فإن كنتِ لم تعلمي أن عملك محرم، أو أفتاك أحد بجوازه: كان ما أخذتيه مباحاً لك، بشرط التوقف الفوري عن العمل،وقد حصل هذا منك، ولك أن تنتفعي بذلك المال، وليكن منك توبة صادقة على ما مضى، وإكثار من الأعمال الصالحة، وبخاصة الصدقة.
وينظر جوابي السؤالين: (٨٢٥٩٥) و (٨١٩٦) ففيه مزيد فائدة وتوثيق.
ونسأل الله أن يتقبل منك صالح عملك، وأن يزيدك هدى وصلاحاً وتوفيقاً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب