للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفض أبوها الخاطب الكفء وقبل غيره

[السُّؤَالُ]

ـ[تقدّم لي أخ ذو خلق ودين ويشهد بذلك مجموعة من الثقات، لكن رفضه والدي متعلّلا بكونه من مدينة أخرى، وأنّ أهل مدينَتهم يجب الاحتراس منهم حسب رأيه. مع العلم أن والدي _ هداه الله _ معروف بنزعته القبليّة الواضحة. وقد قمنا بمحاولات لإقناعه عن طريق الأقارب لكنه رفض الإنصات لهم. وقد تقدّم لخطبتي في نفسي الفترة أشخاص يرتضيهم والدي لكنهم ليسوا بأكفاء لي من ناحية الدين والجميع قال لي نفس الشيء، وحاولوا إقناعي بأنّ الزوجة يمكن أن تكون سبباً لهداية زوجها. وسؤالي هنا هو هل أكون آثمة إن حاولت التمسّك برأيي في الزواج من هذا الشخص؟ مع العلم أن والدي أقسم أنه وإن وافق لن يكون راضياً عني ما دام حيّاً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

ينبغي لولي المرأة أن يسعى لتزويجها من الكفء الصالح الذي يحفظها ويحفظ أبناءها، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (١٠٨٤) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.

ولا يجوز للولي أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به.

قال الله تعالى: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/٢٣٢.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار: زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبداً. وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه. رواه البخاري.

وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد ...

فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها.

فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى من "المغني" (٩/٣٨٣) .

وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة، فإن أبوا جميعا أن يزوجوها رفعت أمرها للقاضي ليزوجها.

لكن لا ينبغي للمرأة أن تقدم على ذلك إلا بعد النظر فيما يترتب على ذلك من المفاسد، فقد يؤدي ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها وأقاربها، مع احتمال أن يقبل أبوها كفئا آخر يتقدم لها.

وينبغي أن تعالج هذه القضية بالحوار والتفاهم والمناصحة والاستعانة بذوي الرأي من الأهل والأقارب، فقد يكون الأب محقا في رفضه، وقد يكون مخطئا، وينبغي الحرص على بر الأب وطاعته وإرضائه ما أمكن، إلا أن يصر على تزويجك من غير الكفء.

وأما الزواج ممن لا يُرضى دينه وخلقه، على أمل أن تحصل له الهداية والاستقامة بعد الزواج، فهذا أمر محفوف بالمخاطر، فقد يحصل التغير وقد لا يحصل، فلا تنبغي المجازفة والمخاطرة، بل اسعي في إقناع والدك بالزواج من صاحب الخلق والدين، واصبري فلعله يتقدم لك من ترضَينه ويرضاه والدك، واستعيني بالدعاء، واعتصمي بالاستخارة، وأكثري من الصالحات، فإن الزوج الصالح رزقٌ ينال بالطاعة، كما تنال سائر الأرزاق النافعة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/٩٧.

نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة، وأن يوفق والدك وأهلك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>