إن من أصول الدين الإيمان بحكمة الرب سبحانه وتعالى في خلقه وأمره، وفي قدره وشرعه، بمعنى أنه لا يخلق شيئا عبثا، ولا يشرع ما لا مصلحة فيه للعباد، فكل ما في الوجود فهو بقدرته ومشيئته، قال تعالى:(الله خالق كل شيء) . وقد اقتضت حكمته البالغة خلق الأضداد، فخلق الملائكة والشياطين، والليل والنهار، والطيب والخبيث، والحسن والقبيح، وخلق الخير والشر، وفاضل وفاوت بين العباد في أبدانهم وفي عقولهم، وفي قواهم، فجعل منهم الغني والفقير، والسليم والسقيم، والعاقل وغير العاقل. ومن حكمة الله في خلقه أن يبتليهم ويبتلي بعضهم ببعض، ليتبين من يشكره ومن يكفره، قال تعالى:(إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ... إلى قوله تعالى إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) . وقال تعالى:(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) .
فالمؤمن المعافى إذا شاهد المعوقين عرف نعمة الله عليه فشكره على إنعامه، وسأله العافية، وعلم أن الله على كل شيء قدير.
والعباد عاجزون عن الإحاطة بحكمته، لايسئل عما يفعل وهم يسألون سبحانه وتعالى، فما علمت أيها المسلم من حكمة ربك فآمن به، وما عجزت عنه فسلّم فيه لربك وقل: الله أعلم وأحكم، لاعلم لنا إلا ماعلمتنا وهو العليم الحكيم.