للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأتيه الرشوة دون طلب فيأخذها ويعطيها الفقراء

[السُّؤَالُ]

ـ[أخي يأتيه بعض الموظفين بأموال مكتسبة من حرام (رشوة) دون أن يطلب منهم أو يأمرهم بذلك. فيأخذها ويرسلها لمن يتخلص منها. - هل هي حلال عليه أن يتسلمها أصلا منهم؟ لأنه يبرر ذلك بأن ينتزعها منهم ويعطها للفقراء أفضل من أن يأكلوها. - هل الذي أرسلت إليه هذه الأموال حلال عليه؟ وماذا لو كانت أخته؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

إن كان المقصود أن أخاك يأتيه من يدفع له الرشوة لتسهيل بعض الأمور، فيقبلها ثم يعطيها للفقراء، فقبوله للرشوة عمل محرم؛ لعموم الأدلة في تحريم الرشوة، ولما في ذلك من السكوت على المنكر وإقراره وإشاعته بين الناس، فإن الراشي يظن أن حاجته قد قضيت بالرشوة.

والواجب: رفض الرشوة وردها على صاحبها، والإنكار عليه، وبيان حرمتها، لا التظاهر بقبولها وأخذها.

وقد روى أحمد (٦٧٩١) وأبو داود (٣٥٨٠) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي) والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦٢١) .

وإعطاء الرشوة للفقراء لا يبيح أخذها، وليس للإنسان أن يتعامل بالحرام ليتصدق أو يحسن، ويكفي لقبح هذا العمل أنه يقال: فلان يقبل الرشوة، ويقضي المصالح لأجلها.

وإن كان المقصود أن بعض الموظفين يأخذ الرشوة ثم يعطي جزءا منها لأخيك دون طلب منه، فيأخذها ويعطيها الفقراء، فهذا محرم كذلك؛ لما فيه من السكوت على الرشوة وإقرارها وقبولها في الظاهر، وقد يكون مراد الدافع لها هو هذا السكوت والمشاركة.

لكن إن جاء الموظف الذي قبل الرشوة وأراد التوبة والتخلص من المال الحرام فأعطاه لأخيك ليتخلص منه، فلا حرج في ذلك؛ لأنه إعانة على الطاعة.

ثانياً:

إذا تاب المرتشي وتخلص من المال الحرام، وأعطاه للفقراء والمساكين ونحوهم، فلا حرج عليهم في أخذه وهو حلال لهم؛ لأنهم أخذوه بوجه مشروع.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٩/٤٢٨) : " قال الغزالي: إذا كان معه مال

حرام وأراد التوبة والبراءة منه: فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله

, فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالكٍ لا يعرفه، ويئس من معرفته،

فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والمساجد , ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء....

وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير , بل يكون حلالا طيبا , وله أن

يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا , لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود

فيهم , بل هم أولى من يتصدق عليه , وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير.

وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه ,

ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف، وعن أحمد بن حنبل

والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في

البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>