للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من دخل دار الحرب بأمان لم يجز له خيانتهم في أنفسهم أو أموالهم

[السُّؤَالُ]

ـ[مرحلة من أيام الطيش قمت بأخد مبلغ مالي قدره ٣٠٠٠٠ فرنك بلجيكي من بنكين لقد رجعت إلى بلدي مند عدة سنوات والحساب لابد أن يكون أغلق كيف العمل للتخلص من المظلمة لا يمكنني الرجوع إلى بلجيكا هل تكفيني التوبة مع العلم أني لم أقم بمثل هذه الأعمال إلا مرة واحدة وهل أقف أمام أصحاب هذه المؤسسة وإن كانت ربوية لأحاسب؟ هل أرجع المال إلى أصحابه مع العلم أني أحتفظ بمبلغ مالي يفوق بقليل هذه القيمة من أجل الزواج؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ما قمت به من أخذ المبلغ المذكور من البنكين، عمل محرم؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، أي بغير وجه حق، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/٢٩.

ولو فرض أن أصحاب البنك من الكفار، فإن هذا لا يبيح أخذ مالهم، لأن المسلم إذا دخل بلاد الكفار بعهد وأمان، لم يجز له خيانتهم، ولم يحل له شيء من أنفسهم أو أموالهم.

قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (٤/٢٦٣) : " إذا دخل قوم من المسلمين بلاد الحرب بأمان، فالعدو منهم آمنون إلى أن يفارقوهم، أو يبلغوا مدة أمانهم، وليس لهم ظلمهم ولا خيانتهم " انتهى.

وقال السرخسي في "شرح السير الكبير" (٢/٥٠٧) : " ولو أن رهطا من المسلمين أتوا أهل الحرب فقالوا: نحن رسل الخليفة، وأخرجوا كتابا يشبه كتاب الخليفة , أو لم يخرجوا , وكان ذلك خديعة منهم للمشركين. فقالوا لهم: ادخلوا. فدخلوا دار الحرب، فليس يحل لهم قتل أحد من أهل الحرب , ولا أخذ شيء من أموالهم ما داموا في دارهم؛ لأن ما أظهروه لو كان حقا كانوا في أمان من أهل الحرب , وأهل الحرب في أمان منهم أيضا، لا يحل لهم أن يتعرضوا لهم بشيء.....

ولو استأمنوا (أي: طلبوا الأمان) فآمنوهم وجب عليهم أن يفوا لهم.....

وكذلك لو قالوا: جئنا نريد التجارة. وقد كان قصدهم أن يغتالوهم؛ لأنهم لو كانوا تجارا حقيقة كما أظهروا لم يحل لهم أن يغدروا بأهل الحرب , فكذلك إذا أظهروا ذلك لهم " انتهى.

وقال في "الهداية" –مطبوع مع نصب الراية- (٤/٣٠٤) : " وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيء من أموالهم ولا من دمائهم لأنه ضمن أن لا يتعرض لهم بالاستئمان , فالتعرض بعد ذلك يكون غدرا، والغدر حرام إلا إذا غدر بهم ملكهم فأخذ أموالهم أو حبسهم , أو فعل غيره بعلم الملك ولم يمنعه، لأنهم هم الذين نقضوا العهد , بخلاف الأسير لأنه غير مستأمن , فيباح له التعرض وإن أطلقوه طوعا " انتهى.

وينظر: سؤال رقم (٧٢٣٨٤) والاطلاع على فتوى اللجنة الدائمة المذكورة فيه.

وبناء على ما سبق فإنه يلزمك رد المال لأصحابه، وعدم التواني في ذلك، لأن من شرط التوبة: رد المظالم والحقوق إلى أهلها.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>