ـ[أود استشارتك في أمر، وهو أنه تقدم لي خطيب، وهو ذو خلق ودين، وأنا كذلك على خلق ودين أسال الله العظيم دوام نعمه علي وكنا متفائلين بهذا الزواج إلا أن الفحص قبل الزواج أظهر أننا غير متوافقين وأنه من المحتمل أن يولد لدينا نسبة ٥٠% أطفال حاملين للثلاسيميا، و ٢٥% سليمين، و ٢٥% مصابين بالثلاسيميا حيث إن كلانا حامل للمرض علماً بان الحامل للمرض لا تكون عليه أي خطورة لكن ممكن أن يُورثه لأبنائه إذا تزوج من امرأة حامله للمرض. أبي ترك لي الاختيار، وأنا محتارة هل أفضل صاحب الدين والخلق على صحة أولادي أم ماذا أفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن من مقاصد النكاح: إنجاب الذرية الصالحة، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (٢٠٥٠) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ: لا. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:(تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ) والحديث صححه الألباني في إرواء الغليل برقم (١٧٨٤) .
وتمام ذلك إنما يكون بإنجاب الذرية الصحيحة القادرة على القيام بالتكاليف الشرعية، وحمل أعباء الرسالة.
وإذا علم الخاطبان أن زواجهما قد ينتج عنه ولادة أطفال مرضى أو حاملين للمرض، فإن الخير لهما هو ترك الزواج حينئذ، درءا لهذه المفسدة المتوقعة، وتقليلا للشر والضرر في أمة الإسلام، ووقاية لأنفسهما من المتاعب والآلام التي قد تلحقهما أثناء رعاية الولد المريض.
ومن خلال ما اطلعنا عليه تبين أن الزوجين إذا كانا حاملين لهذا المرض فإن كل مولود لهما يحتمل أن يكون سليما بنسبة ٢٥%، ومصابا بنسبة ٢٥% أيضا، وحاملا للمرض بنسبة ٥٠%، أما إن كان أحدهما سليما والآخر حاملا للمرض، فإن الخطر يقل كثيرا، إذ احتمال أن يولد الطفل سليما يكون بنسبة ٥٠%، واحتمال أن يولد حاملا للمرض يكون بنسبة ٥٠%، وينتفي احتمال ولادة طفل مصاب بالمرض.
وهذه الاحتمالات مبنية على التجربة والاستقراء، والأمر كله بقدر الله تعالى.
وإذا كان الأمر كذلك فإن الخير لك هو الزواج من شخص سليم، ولا يعني ذلك تقديم الصحة على الدين كما أشرت، فالمقصود هو البحث عن صاحب الدين المعافى، وهذا كثير والحمد لله.
وأنت إذا تركت هذا الزواج بنية حماية أطفالك، وتقليل المرض والحد من انتشاره في الأمة، فإنا نرجو أن يعوضك الله خيرا، وأن يأجرك على ذلك.