للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشاهد الثاني لم يحضر صيغة العقد فهل نكاحه صحيح؟

[السُّؤَالُ]

ـ[تزوجت ولله الحمد لكن هناك أمر يؤرقني وهو أنني حين عقدت قراني عقدته في المحكمة (في سوريا) وسألت عن المأذون فقيل لي إنه مسلم ويصلي لكنه حليق، والمشكلة هي أنه حين العقد لم يكن هناك سوى شاهد واحد هو عمي أخو أبي شهد على صيغة العقد، والشاهد الآخر محام مسلم دخل ووقع وخرج ولم يشهد الصيغة، فهل هذا العقد بهذه الهيئة صحيح أم أنه لا بد للشاهد من سماع الصيغة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

المقصود من الشهادة في النكاح، الشهادة على العقد، أي سماع الإيجاب من ولي المرأة أو ممن يقوم مقامه كالوكيل، وسماع القبول من الزوج أو ممن يقوم مقامه. ولو كُتب الإيجاب والقبول، وكان الشاهد أصمّ مثلا فشهد على المكتوب أثناء العقد، صحت شهادته؛ لقوله تعالى: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) فإذا وصل العلم للشاهد كفى.

"الشرح الممتع" (٥/١٦٢) .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن إعلان النكاح وإشهاره، ومعرفة الناس به، يغني عن الشهادة الخاصة، بل هو أقوى منها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقال بعض العلماء: إنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان، أي الإظهار والتبيين، وأنه إذا وجد الإعلان كفى؛ لأنه أبلغ في الأمر من اشتباهه بالزنا، فعدم الإشهاد فيه محظور وهو أنه قد يزني بامرأة فإذا حملت منه ادعى أنه قد تزوجها وليس الأمر كذلك، فاشترط الإشهاد لهذا السبب.

لكن إذا وجد الإعلان انتفى هذا المحظور من باب أولى؛ لأنه أبلغ من الإشهاد، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان، بل قال رحمه الله: إن وجود الإشهاد بدون إعلان، في صحة النكاح فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعلان النكاح فقال: (أَعْلِنُوا النِّكَاحَ) ولأن نكاح السر يخشى منه المفسدة حتى لو كان بالشهود؛ لأنه يمكن أن يزني واحد والعياذ بالله بامرأة ثم يقول: تزوجتها، ثم يأتي بشاهدي زور ويشهدان " انتهى من "الشرح الممتع" (٥/١٦٠) .

وهذا يبين أن إعلان النكاح أقوى من مجرد الإشهاد على العقد.

وقد لخص شيخ الإسلام رحمه الله مسألة الإشهاد والإعلان بقوله: " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح وإن لم يشهد شاهدان. وأما مع الكتمان والإشهاد: فهذا مما ينظر فيه.

وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان فهذا لا نزاع في صحته.

وإذا انتفى الإشهاد والإعلان: فهو باطل عند عامة العلماء. وإن قُدّر فيه خلاف فهو قليل " انتهى من "الاختيارات الفقهية" (ص ١٧٧) .

فقوله: " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح وإن لم يشهد شاهدان " يفيد أنه لا داعي للقلق بشأن ما ذكرت، فعلى فرض عدم صحة الشهادة، فإن الإعلان كافٍ إن شاء الله.

مع التنبيه على أن الشاهد لا ينحصر فيمن وقّع على العقد، بل كل من حضر العقد، من كاتبٍ وقريبٍ ومأذون وغيره، فهو شاهد عليه، إن كان صالحا للشهادة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>